صــــراعٌ لحماية غابـــات كــــردستان الـــعـــراق

بانوراما 2020/09/01
...

  ويل كريسب   
  ترجمة: خالد قاسم
تعد حقول ألغام الحرب العراقية الايرانية أحد المعاقل القليلة المتبقية لمنع الصيد الجائر وقطع الأشجار غير القانوني، ويشهد فصل الربيع احتضان جبل بيرمكرون في كردستان العراق “الفهد الفارسي” المهدد بالانقراض، ويشرف الجبل على غابة بلوط قديمة قبل أن تمتد الى وديان ضيقة.
غطت هذه الغابة خلال الثمانينيات منحدرات الجبل اضافة الى المنطقة المجاورة، وكان الصيادون يرون الفهد بصورة معتادة، لكن قطع الأشجار الكثيف تسبب بزوال نصف الغابة باتجاه سفح الجبل، حيث حلت مكانها أرض قاحلة عليها بقايا جذوع الشجر، وترعى فيها قطعان الماعز.
يهدد الفقدان المستمر للمسكن الطبيعي وجود الفهد الفارسي في العراق، كما يقول أحد البيولوجيين العاملين بمجال حماية البيئة، وشهدت الفترة بين العامين 1999 و2018 تدمير نصف غابات كردستان البالغة مساحتها نحو ثلاثة ملايين ونصف مليون دونم، بسبب الحرائق وقطع الأشجار، بحسب مسوحات أجرتها الأمم المتحدة وحكومة الاقليم.
اضافة الى الفهد الفارسي فهناك 31 نوعا من الطيور على الأقل مهددة بالانقراض في كردستان العراق، وانقرضت بالفعل حيوانات أخرى مثل “الأيل الأسمر الفارسي” و”الأسد الآسيوي”، ويأتي قبل كل ذلك البلوط القوقازي وهو أحد أربعة أنواع من شجر البلوط الموجودة في جبال كردستان، المهدد بشدة على المستوى الاقليمي ومعرض للاختفاء تماما من غابات العراق.
 
ضائقة اقتصاديَّة
الدافع الرئيس وراء الموجة الحالية لقطع الأشجار هو الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، ويعتمد الاقليم على قطاع النفط والغاز بنسبة 80 بالمئة من ايرادات حكومته، وقد عانى من التعامل مع الديون المتضخمة منذ نهاية العام الماضي، وتعقدت المشكلات المالية بفعل جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط ع
الميا.
تتكون سلسلة جبال “قبة قره داغ” من تسع قمم تتخللها ثمانية أودية، وهي من الأماكن القليلة التي جرى فيها تصوير الفهد الفارسي، وتقع السلسلة ضمن منطقة تداخل النظام البيئي لجبل زاكروس مع سهوب البحر المتوسط، ما يجعلها ذات تنوع بيئي كبير، اذ تعد موطنا لأكثر من 900 نوع مختلف من النباتات، لكنها شهدت ازدياد قطع الأشجار غير القانوني، لأن القرويين يعانون لكسب معيشتهم.
يقول مسؤول محلي: إن سكان بلدته يقطعون الأشجار لاجل الحصول على الوقود لمختلف الاستخدامات، ولم يستلم هو وأفراد شرطة حماية الغابات رواتبهم من حكومة الاقليم منذ بضعة أشهر. ومن جهة أخرى تسببت زيادة الصيد الجائر بتقليص أعداد الماعز البري والخنزير اللذين يعتمد الفهد عليهما في تغذيته. 
وسط تراجع قدرات حكومة الاقليم على فرض القوانين لحماية الحياة البرية، أصبحت حقول الألغام تمثل خطا دفاعيا أخيرا ضد الاستغلال غير الشرعي لموارد تلك المنطقةن وتحول الاقليم الى واحد من أكثر خمس مناطق عالميا بكثافة الألغام، اذ تشير التقديرات لوجود أكثر من 20 مليون لغم أرضي، وأضيفت ألغام أخرى عندما دمرت قوات النظام المباد قرى المنطقة خلال حملاتها ضد الكرد.
تقدر مديرية شؤون الألغام بحكومة الاقليم مساحة الحقول غير المطهرة بنحو 226 كم مربعا، ويتركز معظمها قرب الحدود الجبلية مع ايران، اذ تستمر بقتل المدنيين وتسببها بإعاقة الكثيرين، وفشلت جهود انشاء محمية وطنية بمعايير عالمية داخل الاقليم بسبب الوضع الاقتصادي في 
المنطقة.