أول سيناتور أميركي أسود يحيا حياة استثنائيَّة

بانوراما 2020/09/16
...

 ايرين بلاكمور
 ترجمة: شيماء ميران
حين سافر (هيرام رودس ريفلز) الى واشنطن عام 1870، احضر معه ورقة تاريخية وهي وثيقة مكتوبة باليد تشهد على احقيته بالعمل داخل مجلس الشيوخ الاميركي، وكان يستعد ليكون اول أسود يعمل في الكونغرس.وبرغم انتخابه لمنصب سيناتور لكنه لم يلقَ ترحيبا من الهيئة التشريعية، وبدلا من ذلك واجه السياسي الاميركي الجديد جدلا حادا من زملائه في المستقبل حول ما إذا كان مواطنا.
ولد ريفلز في نورث كارولينا عام 1827 من ابوين أحرار، وتدرب على الحلاقة لكنه واصل في ما بعد تعليمه ومهنته كواعظ. عُيّن في كنيسة الأسقفية الميثودية الأفريقية وسافر كثيرا وقدم المواعظ في جميع مناطق الغرب الاوسط والجنوب. 
تحدى النظام الاجتماعي في ولايات مثل ميسوري التي تمنع السود الاحرار من الهجرة الى الولاية او تقديم الوعظ وتعليم السود. مع ان ريفلز حاول تفادي القانون من خلال إلغاء الطقوس التي قد تحرض على التمرد، وهو السبب المفترض وراء منع السود الاحرار من الانتقال لميسوري، لكنه سُجن عام 1845 لتقديمه الوعظ، ثم غادر ميسوري لاحقا. 
قام ريفلز بتجنيد السود خلال الحرب الاهلية وإلتحقوا بجيش الاتحاد وعمل قسيسا. أسس بعد ذلك مدارس، واعترض على التمييز العنصري عندما خُصص لأسرته مقاعد في عربة التدخين للقطار رغم دفعهم ثمن المقعد في الدرجة الاولى، وبعد اعتراضه اُعيدت لهم المقاعد.
انتقل ريفلز عام 1866 الى مدينة ناتشيز بولاية ميسيسيبي حيث بنى سمعته كزعيم مجتمع محترم. ويذكر المؤرخ جوليوس تومبسون ان تاثيره وثقافته وفهمه لعالم الاميركان البيض جعل منه مصدرا قيّما جدا، ما جذب الانتباه اليه ايضا لإعادة تشكيل الجمهوريين الذين شجعوه للترشح الى المقاعد السياسية التي فُتحت اخيرا امام السياسيين السود. اُنتخب عضوا للمجلس المحلي لناتشيز عام 1868، وبعد سنة ترشح لمجلس شيوخ ميسيسيبي. ثم اختارت الهيئات التشريعية اعضاء مجلس الشيوخ الوطنيين وفق النظام القديم، فوافق على التعيين في مجلس الشيوخ الاميركي.
 
انتقاد رغم النجاح
عندما ذهب ريفلز الى واشنطن مطلع عام 1870 واجه عقبة عزم اعضاء المجلس الديمقراطيين على منعه من العمل الوطني. وناقشوا موضوع كونه مواطنا اميركيا منذ سنة 1866 فقط، حين ألغت المحكمة العليا قانونها (دريد سكوت) الذي زعم ان الاميركان الافارقة ليسوا مواطنين اميركان.
ولم يُعترف به في مجلس الشيوخ إلا بعد جدال طويل ومحموم. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز: «لم يظهر ريفلز الاحراج مطلقا، وكان سلوكه لائقا بقدر ما هو متوقع تحت هذه الظروف».
واثناء وجوده ضمن مجلس الشيوخ ناضل لإعادة المُشرعين السود الذين طُردوا من المنصب في جورجيا، وعارض المدارس المنفصلة لمقاطعة كولومبيا. ورغم دوره التاريخي إلا أنه تعرض للانتقاد لقلة مساعدته الاميركان السود ودعمه العفو عن مالكي العبيد الكونفدراليين. وعند انتهاء دورته في المجلس عاد الى ميسيسيبي عام 1871. وذكر المؤرخ (إريك فونر) للكاتب في صحيفة واشنطن بوست (ستيف هندريكس): «كانت لحظة محورية في التاريخ الاميركي رغم إزاحتها بعد فترة قليلة».
كان هناك سيناتور اخر من ميسيسيبي خلال فترة إعادة التشكيل وهو بلانش بروس، فبعد مغادرته المجلس عام 1881 مررت الولاية قوانين تمنع السود من المشاركة السياسية كجزء من موجة قوانين جيم كرو الجديد. 
وما زال ريفلز وبروس مسجلين كعضوين اسودين وحيدين من ميسيسيبي. وبعد 150 سنة على الإنجاز الرائد لريفلز، لم يدخل سوى تسعة من الافارقة الاميركان الى مجلس الشيوخ الاميركي.