القهوة الأندونيسيَّة.. تقشير رطب بنكهة التنباك والفاكهة

بانوراما 2020/10/13
...

كارين كارميشيل
ترجمة: الصباح
تُنتج المزارع الصغيرة بمحافظة (آتشه) الواقعة اقصى شمال جزيرة سومطرة في اندونيسيا قهوة لا مثيل لها في اي بقعة أخرى من العالم. يتميز طعم قهوة شركة نسبريسو السويسرية الترابية الحلوة بنكهة التنباك والفاكهة الاستوائية المميزة، ومصدرها آتشه المنطقة الرئيسة لقهوة آرابيكا الاندونيسية، ويعود ذلك، الى حد كبير، لتقنية غير مألوفة في تحميص حبوب البُن وتسمى (التقشير الرطب).
تقول خبيرة القهوة (شيرين مؤيد): “يقوم المزارعون بتقشير حبوب البُن من قشرتها الرقيقة وهي رطبة، بينما في كل مكان اخر يُجفف لُب البن تماما. 
وفي سومطرة تجفف قشرتها طوال الليل للتخلص من الرطوبة الفائضة، ثم يجري تقشيرها وهي رطبة بنسبة 40 بالمئة، لذلك تكون حبوب البُن لينة جدا، وإذا ما فكرت بمضغ حبة منها فيمكنك أن تقضمها مباشرة”.
ووفق شيرين على ما يبدو أن التقشير الرطب جاء بسبب الضرورة، كطريقة لتسريع عملية التجفيف في بيئة سومطرة الرطبة والحارّة، إذ تقول: “هذه العملية يجري اتباعها اليوم في بضعة أماكن اخرى، لكن قوة ونكهة التنباك لقهوة سومطرة لا تُنتج في اي مكان آخر، فمزيج التقشير الرطب والمناخ المحلي والتنوع النباتي والميكروبات والمناخات المحلية هناك تُنتج هذه القهوة المجنونة”.
ولأن حبوب البُن السومطرية (الشبيهة بالكرز) تكون رطبة اكثر عند تقشيرها، فربما تتعرض البذور للسحق اثناء هذه العملية. وتوضح شيرين أنه مع ذلك، وبدلا من اتلاف جودة القهوة، فان العيوب الناتجة عن التقشير الرطب هي في الحقيقة ما يُعزز نكهتها: 
“إضافة الى التنوع النباتي ودخول ميكروبات معينة للبذور وتأثيرها في التخمير، فان التقشير الرطب يُنتج هذه النكهة الفريدة التي غالبا ما تشبه مذاق وروائح تبغ الغليون”.
 
أسعار ممتازة لقهوة لذيذة
أنشأت شركة “نسبريسو للتجارة العادلة” ومجموعة أولام المجهزة للقهوة، جمعية تعاونية جديدة لتجارة القهوة العادلة في آتشه عام 2017 تدعى (Ara Cahayani Gayo - آرار ساهاني جاوا)، وتعني شمسا او ضياء موقع آتشه في مرتفعات جاوا، لأجل نقل القهوة الاندونيسية الاصلية الى العالم. ويعد المزارعون العاملون في زراعة القهوة منذ اكثر من عشرة اعوام في آتشه، إضافة الى 1800 اخرين في المنطقة جزءا من هذه التجارة المستحدثة. ويدعم برنامج نسبريسو للجودة الدائمة ومنظمة التجارة العادلة الدولية جمعية القهوة التعاونية والمزارعين في تحسين الظروف المحلية الاجتماعية والاقتصادية وإنتاج المزرعة وجودة القهوة الثابتة، من خلال تقديم التدريب العملي التقني من المهندسين الزراعيين لشركة نسبريسو، ودفع أسعار ممتازة للقهوة عالية الجودة.
وساعد المهندسون المزارعون على تحقيق نتائج ثابتة باستخدام عملية التقشير الرطبة غير المألوفة التي تعطي لقهوة آتشيه طعمها المميز، وضمت عملية التحسينات زيادة كمية القهوة عالية الجودة المُنتجة لضمان تجهيز مستقر لخبراء القهوة لشركة نسبريسو.
نتيجة لذلك فان نسبريسو اصبح لديها مصدر دائم لحبوب بُن آرابيكا الاندونيسية، إضافة الى اعضاء جمعية جاوا التعاونية الذين يكسبون قوتهم من حبوب القهوة الخاصة بهم، وإن فرق الاسعار التي تدفعها نسبريسو مقابل حبوب البن ذات الجودة العالية تُمكّن المزارعين من إعالة أسرهم وتشجع الجمعية للاستثمار في المجتمع المحلي.
يقول أمين صندوق جمعية آرار ساهاني جاوا (تيري إندا واهيوني): “تستلم نسبريسو قهوة جيدة ونحن نحصل على الرفاهية. بالقهوة نعطي السعادة لمزارعينا ونُزيد من منفعة الافراد الذين سيدفعون جزءا من هذه الأموال للاستثمار وبناء مركز للاطفال بعد المدرسة لمجتمعنا”.
وتلاحظ مصورة ناشينوال جوغرافيك (رينا أفندي)، التي ذهبت مؤخرا الى سومطرة لالتقاط الصور عن ثقافة القهوة في مرتفعات جاوا، بالرغم من أن الجمعية حديثة نسبيا في آتشه، لكن مفهوم العمل الجماعي ليس كذلك. 
تقول رينا: “هناك هذا الشعور الحقيقي بالمجتمع حول حبوب البُن الذي يجمع الناس. التقينا عمالا يعملون في مزارع الآخرين، وأولئك الذين يعملون في مزارعهم الخاصة، فضلا عن بعض المزارعات اللواتي تجمعنَّ في مكان واحد لتناول وجبات الغداء الجماعية. هناك يتشارك الافراد بالمعدات، فجميعهم يجلبون القهوة الى موقع واحد لاستخدام ماكنة التقشير الرطب، والجميع يعمل معا لصنع القهوة”.