أيام كانت ايطاليا قوة بحرية عظمى في المتوسط

بانوراما 2021/01/30
...

روبرت فيرلي
ترجمة: حيدر ضياء الدين
إليك ما تحتاج إلى تذكره: كانت سفنًا رائعة من الناحية الجمالية، بخطوط مموجة وبنية هيكلية متناسقة، دخلت السفن الى الخدمة قبل معظم بقية جيل “البارجة السريعة”، لكن ومع وتيرة انتاجها السريعة ظهر لديها بعض العيوب، وعلى الرغم من عيوبها، كانت “روما” وأخواتها سفنا مفيدة.
كان الاسطول الملكي الايطالي “ريجيا مارينا” واحدا من أكثر القوات البحرية انشغالا في فترة ما بين الحربين العالميتين، وكان قد أعيد بناء أربع بوارج قديمة بالكامل لدرجة أنها كانت بالكاد تشبه شكلها الأصلي. ساعد هذا إيطاليا على تحقيق ما كان حقًا  يوصف بأنه تفوق كبير على سفن البحرية الفرنسية، وذلك بحلول أواخر الثلاثينيات.
ساعدت إعادة بناء هذه السفن في توليد أفكار حول الشكل الذي يجب أن تبدو عليه البوارج الجديدة، كان من المفترض أن تتمتع السفن الجديدة بالسرعة الكافية لملاحقة “ دونكيرك” و”ستراسبورغ”، وهما زوج جديد من البوارج الفرنسية السريعة، مع قوة نيران كافية لتدميرهما، فكانت النتيجة أول فئة من البوارج السريعة الحقيقية، وذلك بعد معاهدة واشنطن البحرية، وهي فئة “ليتوري”.
كان حجم الإزاحة المائية للسفينة “روما”، وهي السفينة الثالثة من فئة “ليتوري”، بحجم 42 ألف طن، وسرعتها تصل الى 32 عقدة، وتحمل تسعة مدافع من عيار 15 بوصة موزعة بين ثلاثة أبراج ثلاثية المدفعية. وعلى الرغم من نظام الحماية الجيد من نيران القذائف، تم بناء “روما” وشقيقاتها (ليتوريو وفيتوريو وفينيتو) بنظام حماية تجريبي تحت الماء، وقد صممه المهندس المعماري البحري الإيطالي “أمبرتو بوغليس”. وثبت أن هذا النظام كارثي من الناحية التطبيقية، حيث عانت السفينة “روما” وشقيقاتها مرارا من اضرار جسيمة بسبب هجمات الطوربيدات.
وشأنها شأن السفن الألمانية من فئة “بسمارك”، (بعكس بوارج الحلفاء آنذاك)، لم يكن لدى السفينة “روما” سلاح ثانوي ثنائي الغرض، وهو إجراء كان من شأنه أن يخفف من وزن السفينة ويحسن من قدراتها المضادة للطائرات.
كانت المدفعية الايطالية عيار 15 بوصة ايضا مخيبة للآمال الى حد ما، على الرغم من انها كانت تطلق قذائف ثقيلة للغاية وبسرعة عالية، لكن كان من الصعب إعادة تحميلها، وكانت غير دقيقة وتسببت بتآكل خطير لماسورة الاطلاق، وأخيرا كان للسفينة “روما” مدى اطلاق قصير جدا، رغم ان هذا لم يكن مصدر قلق كبير في البحر الأبيض المتوسط.
بشكل عام  ربما كانت “روما” وشقيقاتها الأقل قدرة في الجيل 
الأخير للبوارج السريعة في العالم باستثناء “بسمارك وتيربيتز” الالمانيتين، لكن مع ذلك فقد كانت سفنا مفيدة، وفي المعركة كان الاختلاف العملي بين السفينة روما ومعظم البوارج السريعة الحديثة للحلفاء ضئيلا. 
أدخلت هذه السفينة الى الخدمة في منتصف العام 1942  بعد أن تم بالفعل خوض العديد من اعمال القتال الرئيسة في حوض البحر الأبيض المتوسط، لكن عند ذلك الوقت كان الاسطول “ريجيا مارينا” يعاني من ازمة في الوقود، ما حال دون الاستخدام العملياتي “لروما” وشقيقتيها ومعظم الوحدات الثقيلة الأخرى في الأسطول، فتضمنت الطلعات الرئيسة للسفينة روما العبور من قاعدة إلى أخرى، في محاولة لتجنب هجمات الحلفاء الجوية. لكن مع ذلك كان اسطول “ريجيا مارينا” البحري يمثل ارباكا وتهديدا كبيرا لنشاط الحلفاء البحري، ما أجبر المخططين لعمليات الحلفاء على الأخذ بالحسبان وجود العديد من البوارج المعادية الحديثة والفعالة.
في ايلول 1943 قررت الحكومة الإيطالية السعي لعقد هدنة مع الحلفاء الغربيين، وكان استسلام الأسطول الإيطالي شرطًا اساسيا لعقد هذه الاتفاقية، كانت السفينة “روما” (قائدة الاسطول) إلى جانب شقيقتيها والعديد من الطرادات الثقيلة، تستعد لشن هجوم على قوات الانزال التابعة للحلفاء في ساليرنو، عندما تم توقيع الهدنة، وبدلا من التوجه إلى ساليرنو، إتخذت السفينة وبقية القطع مسارا نحو جزيرة مالطا.
استشعر الألمان رائحة الهدنة بعد وقت قصير من تحرك الاسطول. عندها أرسل سلاح الجو الالماني سربا من ست طائرات قاذفات قنابل من نوع “دورنير دو217” محملة بقنابل “فريتز إكس” الألمانية المضادة للسفن، وتعد من الاسلحة الموجهة بدقة، فأصابت اثنتان من القنابل الخارقة للدروع البارجة “روما”، فأحدثت القنبلة ألاولى تلفا كبيرا في غرفة المحرك، وتسببت الثانية بانفجار في واجهتها الأمامية، وأدت الضربة الى سقوط نحو 1200 رجل من السفينة، كما تلقت شقيقتها إيطاليا (التي أعيد تسميتها من ليتوريو الفاشية) ضربة، لكنها نجت ووصلت هي وسفينتا فيتوريو وفينيتو إلى مالطا من دون التعرض لتحرشات، ثم تم نقلهما إلى وضع الحفظ في مصر.
كان هناك اقتراح بإلحاق السفينتين المتبقيتين بالبحرية الملكية البريطانية أو البحرية الأميركية لغرض استخدامهما في قصف الشواطئ المعادية ومرافقة الناقلات في المحيط الهادئ، لكن المخاوف بشأن توفير الذخيرة وقطع الغيار ألغت الفكرة. وعلى كل حال كان للقوات البحرية الأميركية والبريطانية والفرنسية تفوق ساحق في المحيط الهادئ بحلول العام 1944. 
وبعد انتهاء الحرب تم تخصيص السفينتين الناجيتين، فضلا عن العديد من البوارج الإيطالية القديمة بالقرعة، كتعويضات حرب لقوات الحلفاء، ففازت الولايات المتحدة بالسفينة “إيطاليا”، وأخذ البريطانيون السفينتين “فيتوريو فينيتو”. ثم أعيدت السفينتان إلى إيطاليا وتم تفكيكهما وتحويلهما الى الخردة بحلول مطلع الخمسينيات من القرن الماضي.  
 
* عن موقع ناشينال
انترست الأميركي