12 شاعراً شعبياً يتبارون في مضمار شعر (التجليبة)

ثقافة شعبية 2021/10/17
...

  عادل العرداوي
اطلعت قبل فترة وجيزة على ديوان شعر شعبي عراقي جديد صادر عام 2020، ومطبوع في دار {يسطرون} للطباعة والنشر والتوزيع يحمل عنوان {رحلة في شعر التجليبة} وهو من فكرة واشراف وتنفيذ الشاعر كاظم آل وحيد العنزي، ووجدت من المناسب أن اقدمه للقراء ومتابعي الأدب الشعبي.
وفكرة الديوان تعتمد في لحمتها وسداها على المطلع الشعري الشهير:
اجلبنك يليلي اثنعش تجليبه..
تنام المسعده وتگول: مدريبه ؟
وهو مستهل شائع ومعروف منذ القرن التاسع عشر الميلادي، اذ تداوله معظم الشعراء الشعبيين العراقيين عبر السنين الماضية وما زالوا، واصبح الحجر الاساس لوزن (التجليبة) احد اوزان الشعر الشعبي العراقي، والذي يتميز بالغنائية والوضوح والجرس الموسيقي الساحر، اذ يعد هذا الوزن الشعري من مجزوء الهزج في الشعر العربي الفصيح وتفعيلاته هي (مفاعيلن، مفاعيلن، مفاعيلن).
وشعر التجليبة انطلقت فكرة ولادته، من مجموعة ابيات للشاعر كاظم آل وحيد، سبق له أن نشرها في صفحته بالفيسبوك قبل عامين تقريباً، وطلب في حينها من الشعراء مجاراتها على الوزن نفسه (التجليبة)، وحدد لكل شاعر يسهم في تلك المناظرة أن تكون مشاركته بـ(18) بيتاً رباعياً على أن يكون مستهله في ذلك البيت الشائع كما اسلفنا، اجلبنك يليلي...الخ، وبالفعل فقد وردت الى الشاعر الغزي مساهمات من 12 شاعراً شعبياً ممن اعجبتهم فكرة المناظرة، وهم ممن يسكنون داخل العراق او خارجه، ما دفع بمعد الديوان لان يزين غلاف الديوان المذكور بصور هؤلاء الشعراء المشاركين في المناظرة التي احتوتها صفحات الديوان البالغة بحدود (150) صفحة من الحجم المتوسط، والتي ضمت الاهداء وكلمة لمعده بعنوان فكرة الديوان، ومقدمة بعنوان التجليبة العراقية، خطاب الحياة اليومي بقلم الدكتور جبار فرحان العگيلي.
وخطوة اصدار هذا الديوان المكرس فقط لفن التجليبة، وحسب ما ذهب إليه العگيلي {هي تجربة جميلة ورائعة تؤرخ وتؤرشف مساهمات عددٍ من شعراء العراق، في مساجلات غير مبرمجة، مسبقاً والتي اتاحت لها حرية الكتابة والاختيار}.
وفي الحقيقة وبعد أن اكملت قراءة الديوان واطلعت على نصوص الشعراء المشاركين في المناظرة المذكورة والجميلة والمعبرة عن مشاعر وخلجات  كل الناس، وجدت نفسي محرجاً تماماً في كيفية اختيار النماذج الشعرية التي يجب أن اشير اليها بشكل موجز في هذه المقالة، فقد وجدت أن معظم نصوص شعراء الديوان جديرة بالنشر والاطلاع والإشادة بها وبهم.
ولنبدأ اولاً بمعد الديوان الشاعر كاظم آل وحيد العنزي لنختار من ابياته الثمانية عشر، البيت الأول منها والذي يقول فيه:
اجلبنك يليلي اهمومي حيل اثگال 
عله امتوني احسن صايرات إجبال 
إله الكون بلچي اتغير إلنه الحال
وتبدل الوكت وتعيد ترتيبه 
اجلبنك يليلي اثنعش تجليبه
الغزي يتطلع الى تغيير الحال الذي يعيش في كنفه، لانه يحس أن همومه انما هي بثقل الجبال على عاتقه المنهك!.
ومنه الى شاعر آخر من السماوة واعني بذلك عزيز عبد الجبار الذي يقول:
اجلبنك يليلي وهاجت اوجاعي 
من كثر الومي ماشيلن اذراعي 
دموع العين نزلن فيضن گاعي 
وگلبي امن القهر يجرن مرازيبه..
اجلبنك يليلي اثنعش تجليبه..
اية مبالغة ساحرة تلك التي ساقها لنا عبد الجبار، دموع العين نزلن فيضن گاعي.. وهكذا هم الشعراء يبالغون!، لكن مبالغتهم مقبولة في نهاية المطاف.
وهذا الدكتور علي عبد الحمزة من بغداد، وهو بالاساس شاعر غنائي معروف عبر هذا البيت المعبر يوضح:
اجلبنك يليلي والگلب مالوم
حزن عاشور حزني والطبگ كل يوم 
صرت مثل السمچ بعد الأكل مذموم..!!
نسوا معروفي ذاك ونكروا الطيبة
اجلبنك يليلي اثنعش تجليبه..
علي عبد الحمزة يذكرنا عبر هذا البيت بموروثات عاشوراء المفجعة، وايضا يذكرنا بمدلولات المثل الشعبي الشهير (حالي .. مثل السمچ ماكول مذموم..!!)، اويلي عليك وعلينا...، ونتحول الى شاعر آخر من شعراء الديوان وأعني به الشاعر رعد حنتوش المحنة المقيم منذ سنوات في السويد اذ يشارك:
اجلبنچ يروحي بهاي مدري ابهاي 
مابين السگم والجور قيسي ابهاي 
طريحه وحيف شح اللي ينگط الماي..!
وملچ الموت هل يرسل مكاتيبه 
اجلبنك يليلي اثنعش تجليبه
هنا المحنة يذكرنا بلحظات الموت الرهيبة وطقوس تنقيط الماء للشخص المحتضر حسب الموروث الشعبي، مصوراً حالته النفسية التي وصلت الى هذا الحال.
ولكي لا يطول المقال، فاني اعد الاخوة الشعراء الاخرين ممن لم يتسن المجال لهم في هذه الحلقة من هذا المقال باستعراض اشعارهم  في فرصة لاحقة وهم  كل من: عبد راضي الشام، وحيدر مجيد، وجهاد الغزي، وصاحب الجياشي، وحلمي السعد، وثائر السعيدي، وفائق الگاطع حسن.