دبلوماسية المياه

اقتصادية 2021/11/04
...

وليد خالد الزيدي
 
دائما ما تؤكد منظمة الصحة العالمية على ان نقص المياه في بلدان العالم يتسبب بكوارث انسانية لاتحمد عقباها، لكون الامراض الناجمة عن المياه غير الامنة تقتل مليوني شخص سنويا في بلدان مختلفة، معظمهم من الاطفال، لاسيما التي تحدث فيها ازمات شح المياه الصالحة للاستخدام البشري، لذا بات من الضروري ان تهتم البلدان بتوفير المياه بكميات كبيرة ونوعيات جيدة لتقلل مخاطر انتشار الامراض بين افراد شعوبها بسبب تلك 
المشكلة. 
في العراق يمر قطاع الموارد المائية بازمة حقيقية، قد تبدو لاول وهلة انها ازمة فنية بحتة تتعلق بنقص المياه الواصلة الى اراضينا جراء المشاريع الاروائية العملاقة المقامة لدى دول جوار العراق المتشاطئة معه (تركيا وايران وسوريا)، لكن في حقيقة الامر ان المسألة تتعلق ايضا بقطاع الموارد المائية في العراق والذي يمكن ان يشهد انشطة واجراءات من شأنها ان تحدد ملامح حلول لتلك الازمة، وتقلل من انعكاساتها السلبية على الواقع العراقي الخاص بهذا القطاع الحيوي 
المهم.
فرغم الاجراءات الفنية التي تقوم بها وزارة الموارد المائية، كمعالجة الهدر في كميات المياه الواصلة الى اراضي العراق، من خلال تأمين مياه كافية لمناطق الاهوار(على سبيل المثال)، ودفع كميات أكبر الى تلك المناطق،لكونها اكثر المناطق التي تتعرض للجفاف، كذلك صيانة النظام الواسع لقنوات الري والسدود وغيرها من المهام المتعلقة بها، الا انها ليست كافية، بل لابد من توسيع اطار الحراك الدبلوماسي على نطاق كبير في المحافل الدولية، لاسيما مع البلدان المعنية بمشكلة المياه في 
العراق.
وهذا ما حدث فعلا من خلال اللقاءات والحوارات بين الجهات العراقية المسؤولة عن هذا القطاع، وبين جهات الدولية المشتركة معنا في تلك القضية، ومن خلال تأكيد وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني على الزيارات المستمرة الـى تركيا التي أسفـرت عن نتائج إيجابية منها، دخول مذكـرة التفاهم الموقعة عام (2009) حيز التنفيذ، وأهم بنودها إعـطـاء حصة عـادلة للعراق مـن المياه، فتلك الاجراءات جاءت عن طريق حراك دبلوماسي وبمشاركة فاعلة في مؤتمر المياه الذي اقيم في القاهرة مؤخرا، والذي تمخض عن تفاهمات وتعهدات مع الجارة تركيا، فضلا عن الاستعداد لاجراء تفاهمات مماثلة مع مسؤولي الموارد المائية في ايران، وكذلك مع سوريا، ووضع تلك الدول في الصورة المأساوية التي يشهدها العراق جراء النقص الحاصل في الامدادات المائية التي يمكن ان تصل اليه 
منها.
فالمنطق يقول ان الدبلوماسية يمكن ان تسهم الى حد كبير في التوصل الى تفاهمات مشتركة مع الدول المتشاطئة لحلحلة بعض اطراف المشكلة المائية وتحجيم انعكاساتها السلبية على العراق مستقبلا.