الموارد المائيَّة.. أزمة متوقعة

اقتصادية 2021/12/11
...

 د. أحمد الحسيني
 
نشرت منظمة الأمم المتحدة في عام 2010 تقريرا أكدت فيه ((أن نهري دجلة والفرات ستجف مياههما عندما تصل الى العراق، اذا استمرت دول الجوار بتنفيذ مشاريعها المائية))، ومن الضروري هنا تبيان الاسباب التي قد تنذر بأزمة مائية هي الأشد منذ تأسيس الدولة العراقية، هناك نوعان من الاسباب التي تؤدي الى تفاقم ازمة الموارد المائية، منها اسباب داخلية تتمثل بالتزويد والطلب على المياه، إذ تشير الاحصاءات بأن هناك فرقا بين التزويد المائي والكب والكميات المطلوبة من المياه لاغراض مدنية وزراعية وصناعية، اذ تبلغ الحاجة الى المياه 77 مليار متر مكعب، بينما المتاح هو فقط 43 مليار متر مكعب!.
أي أن هناك عجزا في التجهيز مقداره 34 مليار متر مكعب، وسيستمر هذا العجز حتى عام 2025 حسب التوقعات والسياسات المائية القائمة حاليا، ناهيك عن نوعية مياه الانهار الرديئة بشكل كبير كلما اتجهنا الى الجنوب لتصل كمية الاملاح الذائبة الى 2000 جزء بالمليون في البصرة، كما ان شبكات توزيع المياه والصرف الصحي المتهالكة تشكل سببا آخر، إذ إن شبكات توزيع مياه الشرب رديئة وكفاءتها لا تزيد عن 32 % والطلب على مياه الشرب يقدر بنحو 11 مليون لتر مكعب بينما التزويد المائي الفعلي لا يتجاوز 6.5 مليون لتر مكعب!، اما بالنسبة لشبكات الصرف الصحي فإن 14 مدينة في العراق فقط من مجموع 252 مدينة لها خدمات صرف صحي وكميات المياه المعالجة تخدم فقط 8% من السكان، وان
70 % من مياه هذه الشبكة تتسرب الى الانهار من دون تنقية، بسبب رداءة شبكة الصرف الصحي وتهالك شبكات توزيع المياه الصالحة للشرب، وتبلغ كمية الاملاح الذائبة في مياه نهر دجلة عند الحدود العراقية – التركية 280 ملغم / لتر وتزداد بشكل كبير كلما اتجهنا جنوبا وصولا الى البصرة، اما مياه نهر الفرات فقد بلغت كمية الاملاح الذائبة فيها عند الحدود العراقية – السورية بحدود 600 ملغم / لتر وتزداد جنوبا لتصل الى 1300 ملغم/لتر.
ويعتقد ان نحو 45% من اراضي العراق تأثرت بالتصحر وهذا الامر يؤدي الى تقلص الاراضي الزراعية الى نحو 40%، اما الاسباب الخارجية فتتمثل بالتغيرات المناخية التي اصابت الشرق الاوسط في السنوات العشر الاخيرة، اذ اكدت الدراسات بأن تصاريف الانهار في منطقة الشرق الاوسط ستقل بشكل ملحوظ، وايضا اكدت الدراسات بان كميات الامطار وفتراتها ستكون قليلة وقصيرة نسبيا، وان كميات الامطار تتساقط بتركيز عال ولفترات قصيرة مما يؤدي الى تعرية التربة، ومن ثم تدهور الانتاج الزراعي.  إن تجاوز هذه الأزمة ليس بالامر اليسير ويحتاج الى جهود كبيرة من قبل المختصين في وزارة الموارد المائية، كما لا بد من اجراء مباحثات حقيقية مع الدول المعنية (دول المنبع) وبوجود وسيط دولي، ويتم اختيار هذا الوسيط عند توافر شروط معينة أهمها قدراته المالية والتكنولوجية وسلطته وتأثيره السياسي التي يمكن من خلالها مساعدة الدول المتحاورة على تجاوز الأزمة. 
وفي مثل هذه المباحثات يتوجب على العراق ان يقدم أمورا تحفيزية، فضلا عن إعداد خطة ستراتيجية لإدارة المياه على أن يتم تنفيذ هذه الخطة بغض النظر عن التغيرات السياسية وغيرها .