التكيف في ظل التقانات

اقتصادية 2021/12/22
...

 محمد شريف أبو ميسم 
 
ارتبط مفهوم التكيف مع مفهوم هيكلة نظام اقتصاد الدولة بهدف الانتقال نحو نظام آلية السوق، وباتت عناوين (التكيف الهيكلي – التكيف الاقتصادي – تكيّف السوق) علامات دلالية على ايكال وظائف الدولة الى السوق، وبشير تغيرات هيكلية تفضي الى تضخمات في سوق العمل، وارباكات في اداء المؤسسات جراء التضاد بين الموروث الاداري القائم على البيروقراطية في نظام اقتصاد أوامري، والقوانين والتعليمات الجديدة التي بموجبها يتم التأسيس لاقتصاد يقوده السوق، فضلا عن استمرار العمل بالشمولية، وعدم معرفة السواد الأعظم من العاملين بالجهاز التنفيذي لطبيعة التحولات، ما يمهد لاستغلال نقاط الضعف الناجمة عن التضاد من قبل ضعاف النفوس وبعض الطارئين على الصدارات، فينشأ ما يسمى بالفساد في مراحل التكيف التي تشهدها الدول وهو تعيش مراحل الانتقال من شكل الدولة الشمولية الى شكل جديد تتم بموجبه خصخصة عموم وظائف 
الدولة.
ومن طرائف التكيف الاقتصادي الحديث، في ظل تكنولوجيا المعلومات وعولمة التبادلات المالية والتجارية، بجانب عولمة الانتاج والأسواق، أن يتم ادخال التقانات في مؤسسات الجهاز التنفيذي للدولة بهدف الارتقاء بالخدمات واختزال حلقات الترهل في الأداء بما يواكب ويتناسب مع التطورات الهائلة التي شهدها العالم، بجانب التأسيس لما يسمى بالحوكمة الألكترونية التي يراد بها الوصول الى الادارة الرشيدة، وأهمية وضع أرضية لوجود حكومة ألكترونية، ومجتمع معرفي يشاع فيه استخدام التقانات في كل حلقات التنفيذ خلال تقديم الخدمات المؤسسية، حينها لن يكون للأميين في لغة التقانات مكان للعمل ما لم يكونوا على علم بالأدوات
الجديدة.
ومن هذا المنطلق عمل البعض من ورثة ثقافة كتابنا وكتابكم على عرقلة وتعويق الكثير من الخطوات الاجرائية الرامية لأتمتة العمليات الادارية والمالية في بعض المؤسسات الحكومية على مدار سنوات، إلّا ان تعديل قانون التقاعد كان خارج حساباتهم، إذ أطاح بمحاولاتهم، فغادروا ساحة العمل مرغمين، إلّا ان برامج أتمتة العمليات الادارية والمالية، لم تستطع الانتصار دوما، في ظل حالة التكيف التي تضخم عنها سوق العمل بشكل لافت، فنجمت عن ذلك مهن وحرف جديدة تقدم الخدمات للناس من خلال الفارق بين تواضع معرفة الأفراد وبين التطبيقات الألكترونية، كما في بعض المحال التي تقدم خدمات التعامل الألكتروني مع المؤسسات التي تعتمد الوسائل الألكترونية في تقديم الخدمات، حتى وصل الأمر الى عرض خدمات الحصول على القروض المصرفية عبر التطبيقات الألكترونية، إذ يفصح حامل البطاقة عن بياناته، ما يجعل أمواله عرضة
للخطر.