الاقتصاد والسياسة

اقتصادية 2021/12/29
...

 د. احمد الحسيني 
 
{اذا هاجمت تركيا الأكراد في سوريا سأدمر اقتصادها}.. هذا ما قاله الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في تغريدة له بحسابه على تويتر، ولو تمعنا قليلا وبعمق في تغريدة ترامب، سنجد أن فيها العديد من الدلالات التي تشير الى ثنائية الاقتصاد والسياسة مرورا من خلال الاقتصاد والارهاب العسكري لننتهي بمفهوم الارهاب الاقتصادي. 
وقد بدأ مفهوم الارهاب الاقتصادي يطفو على السطح مع تراجع الارهاب العسكري الدولي، خصوصا بعد كسر شوكة عصابات داعش الارهابية، فالارهاب الاقتصادي بأبسط مفاهيمه او صوره، يشير الى هجوم اقتصادي من دولة ضد دولة اخرى او من مجموعة دول تجاه دولة معينة، ويكون الهدف منه تعطيل التنمية الاقتصادية وتراجع وتهالك البنى التحتية ليس من خلال قصفها او تخريبها ميدانيا، بل من خلال عدم تطويرها او ادارتها بالشكل المناسب.
وتأكدوا سادتي القرَّاء أن النتيجة ستكون واحدة وهي تخلف البناء التكنولوجي الضروري لتطوير المنظومة الاقتصادية لاي بلد، والتأثير بشكل او بآخر في عملة البلد المستهدف من الارهاب الاقتصادي ومحاولة جعل مؤشراته البنيوية في حالة تراجع مستمر.
وفي سياق الحديث عن الارهاب الاقتصادي الذي لعل بداياته كانت مع احداث ايلول 2001 عندما استهدف تنظيم القاعدة الارهابي برجي التجارة العالمية في الولايات المتحدة الاميركية، ولعلنا نتساءل: لماذا برجا التجارة العالمي؟.
ولعل الاجابة عن هذا التساؤل تكمن في ان هذا التنظيم اراد استخدام ارهابه العسكري وفكره الشاذ، لخلق ارهاب اكثر قسوة واخطر على المنظومة الاقتصادية العالمية من خلال الارهاب الاقتصادي، ومن الواضح جدا ان الارهاب الاقتصادي، ومن يقف خلفه، يحاول بطريقة او أخرى تدمير الخطط التنموية للبلدان الصاعدة اقتصاديا خصوصا في الشرق 
الاوسط .
ولعل جريمة غسيل الاموال القذرة، خصوصا أموال المخدرات هي أبرز صورة من صور الارهاب الاقتصادي الذي تمارسه منظومة الارهاب الاقتصادي ضد اسواق بلدان الاقتصادات الصاعدة، اذ أضحت اسواق هذه البلدان مسرحا لهذا النوع من الجرائم، اما الشكل الاخر من اشكال الارهاب الاقتصادي فهو جريمة العملات المزيفة التي تهدف من خلالها منظومة الارهاب الاقتصادي افشاءها في اسواق بلدان الشرق الاوسط، خصوصا بهدف زعزعة الثقة في العملات الوطنية لتلك البلدان وتعطيل السياسات النقدية والمالية فيها، وصولا الى تعكير اجواء المناخ الاستثماري ودفع المستثمرين المحليين بالهروب باموالهم الى البلدان الاخرى.
نعم ياسادتي، الارهاب القادم هو الارهاب الاقتصادي وعلينا من الآن البدء باعداد الخطط المدروسة لمحاولة التصدي للموجة الارهابية القادمة واعادة النظر بكل السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية والتنموية وتطويرها، بالشكل الذي يجعل من اقتصادنا المحلي قادراً على مواجهة موجة الارهاب
الاقتصادي.