مختصون يحذرون: التضخم سيقوّض عمليات التنمية

اقتصادية 2021/12/29
...

  بغداد: حيدر فليح الربيعي 
أعرب مختصون بالشأن الاقتصادي، عن مخاوفهم من استمرار تنامي معدلات التضخم، الذي ارتفعت نسبته السنوية الى 8.4  %، مبينين أن استمرار زيادة تلك المعدلات يمكن ان تؤثر بشكل مباشر في عمليات التنمية المستدامة، وتخلق المزيد من الارباكات الاقتصادية، وبينما عزوا أسباب تلك الزيادة الى تغيير سعر الصرف، وضعف الانتاج المحلي في العراق، والاعتماد بشكل شبه كلي على السلع والمواد المستوردة، اكدوا ضرورة اللجوء الى ادوات السياستين {المالية والنقدية} في حال استمرار زيادة نسب التضخم، لا سيما السيطرة على التدفق النقدي، وتخفيض معدلات الانفاق الحكومي، وزيادة معدلات الفوائد التي تفرضها المؤسسات المصرفية.
 
 
واعلنت وزارة التخطيط، خلال بيان تلقته {الصباح} حصول ارتفاع طفيف، في معدل التضخم خلال شهر تشرين الثاني الماضي، حيث بلغت نسبة الارتفاع (0.5 %)، مقارنة مع شهر تشرين الاول الذي سبقه، بينما شهد معدل التضخم السنوي ارتفاعا بنسبة 
(8.4 %)، مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي 2020.
 
ضعف الانتاج
وتمثل عملية ضعف الانتاج المحلي، وتغيير سعر الصرف الذي أقدم عليه البنك المركزي، أبرز أسباب تنامي معدلات التضخم بحسب عضو جمعية الاقتصاديين العراقيين، الباحث مقدام الشيباني، الذي يرى خلال حديثه 
لـ {الصباح} أن {قيمة العملة المحلية كلما كانت أقل من قيمة العملات الأجنبية، ستكون أسعار السلع والبضائع المستوردة مرتفعة للغاية، ومُكلفة للمستهلكين، مبينا أن انخفاض القوة الشرائية، يترك آثاراً كبيرة وعديدة على جميع أفراد المجتمع، من منتجين ومستهلكين ومستوردين ومصدرين}.
كما ارجع الشيباني أسباب زيادة معدلات التضخم، الى الزيادة في كلف انتاج بعض السلع داخل العراق، بسبب نقص الطاقة وارتفاع اسعار النقل واليد العاملة، والتي ادت الى زيادة سعر المنتج النهائي، فضلا عن الزيادة الحاصلة للسكان دون ان تقابلها زيادة بالانتاج المحلي التي تلبي ما زاد من الطلب، وكذلك، ارتفاع اسعار المنتجات عالميا، والناجم عن تداعيات كورونا، وهو الامر الذي اثر بشكل مباشر في العراق بسبب تغطية معظم الاحتياجات المحلية عن طريق الاستيراد.
 
غياب التخطيط
ويرى الباحث، أن {الأسباب التي أدت الى تنامي معدلات التضخم السنوي بهذا الشكل، ناجمة عن ضعف اداء الادارتين المالية والنقدية، وغياب التخطيط الستراتيجي والهوية الحقيقية للاقتصاد العراقي، لا سيما أن الدستور ينص على ضرورة الانتقال من الاقتصاد الموجه الى الحر، وهو خلاف ما يحصل، لافتا في الوقت ذاته، الى أن {ارتفاع الدين الداخلي للدولة أسهم ايضا بزيادة معدلات التضخم، اذ تلجأ الحكومات الى سداد الدين من خلال الضرائب، وعند زيادة الضرائب ستضطر الشركات او التجار لرفع الاسعار لتعويض معدل الضرائب المفروض عليها، وبالتالي يحدث التضخم.
 
استخدام {السياستين}
وبهدف الحد من آثار التضخم، اقترح الشيباني استخدام أدوات السياسة المالية، والمتمثلة بالانفاق الحكومي، اذ يمكن أن تقوم الحكومة بضغط الإنفاق، لا سيما الاستهلاكي، لأنه يؤدي إلى زيادة الطلب ومن ثم التضخم، في حين يمكن ان يؤدي الإنفاق الاستثماري الى تخفيض حدة التضخم، بينما اشار الى أن السياسة النقدية، يمكن بواسطتها رفع سعر الفائدة، والذي يؤدي إلى سحب السيولة النقدية من الأسواق بهدف الحد من التضخم.
 
تمويل الموازنات
من ناحيته، دعا الخبير الاقتصادي، عبدالرحمن الشيخلي، خلال تصريح لـ {الصباح} الى ضرورة توسيع دائرة تمويل موازنات الدولة العامة، والانتقال بها من موازنات ريعية معتمدة كلياً على الايرادات النفطية، الى موازنات تدخل في تمويلها الصناعة والزراعة والتجارة والسياحة، مؤكدا أن تلك الخطوة كفيلة بخفض نسب السلع المستوردة بشكل كبير، وتلبية احتياجات السوق، وبالتالي السيطرة على الاسعار وعدم حصول تضخم.
كما حث الشيخلي، على اهمية {استغلال ادوات الدولة بشقيها المالي والنقدي والتي بامكانها ان تتحكم بمعدلات التضخم، والسيطرة على التدفق النقدي الذي يتناسب طردياً مع ذلك التضخم، فضلا عن تخفيض معدلات الانفاق الحكومي، ورفع نسبة الضرائب وزيادة معدلات الفوائد التي تفرضها المؤسسات المصرفية على عموم الائتمانات}.
وأكد الخبير الاقتصادي، أن {ظاهرة التضخم بدأت تبرز بشكل مؤثر بعد قرار تغيير سعر الصرف، والذي اثر بشكل مباشر في مجمل الحركة الاقتصادية والانتاجية في البلاد، وأدى الى ارتفاع أسعار جميع السلع والمواد والخدمات، لا سيما المستوردة منها، وهو الامر الذي أضرَّ بشكل مباشر بأصحاب الدخل المحدود وقضم نسبة كبيرة من مرتبات 
الموظفين. وكان الخبير الاقتصادي، منار العبيدي، قد اقترح في وقت سابق لـ}الصباح} ثلاثة حلول آنية لمعالجة التضخم الحاصل في مختلف نواحي الحياة، واضعا في مقدمة تلك الحلول {التوجه صوب احداث تغيير تدريجي في سعر الصرف لضمان تقليل نسبة التضخم} فيما اشار الى أن ثاني الحلول يكمن في {الشروع بدعم المشاريع المحلية ماليا لتمكينها من المنافسة، لا سيما في القطاعات الاساسية المهمة كالغذاء والدواء}. 
ولفت الخبير العبيدي، الى أن الحل الثالث يتضمن {التوجه صوب مراجعة سياسات منع الاستيراد وتحويلها الى آليات دعم للمشاريع المحلية بهدف تعزيز قدرتها على المنافسة، بدلا من المنع الذي ادى الى تقليل العرض مقابل الطلب، الامر الذي تسبب بارتفاع الاسعار للعديد من المنتوجات وساهم في زيادة نسب التضخم}.