مشروع المدينة الفاضلة

اقتصادية 2022/02/15
...

 محمد شريف أبو ميسم 
 
كاد مشروع مدينة بسماية السكني أن يحقق لنا حلم المدينة الفاضلة في العام 2019، بمئة ألف وحدة سكنية حضرية ومركز أعمال متكامل وشوارع حديثة، وحدائق وملاعب أطفال ومدارس وبنية تحتية لم تعرف مثلها المشاريع السكنية في العراق، ليكون مدينة حضرية متكاملة تسهم في حل مشكلة السكن في العاصمة بغداد، ازاء تكاثر سكاني قائم على تقسيم البيوت الكبيرة الى بيوتات صغيرة، ويضيف أعباء عالية على البنية التحتية لمدينة بغداد، ويزيد من الاختناقات السكانية والمرورية والخدمية، لا بل ويتجاوز حتى على المناطق الزراعية.
كان يمكن أن تظهر المدينة الحضرية المتكاملة لولا سلسلة المعوقات التي واجهتها، والتي زادتها دوافع ظهرت بأدلة قاطعة في سوق المضاربات السياسية، حتى توقف العمل بالمدينة بدواعٍ منها الأزمة المالية التي شهدتها البلاد تارة، وجائحة كورونا تارة أخرى، وخلاف مالي بين الهيئة الوطنية للاستثمار والشركة في ما يقال مؤخرا.
وبحسب تصريحات رئيسة الهيئة الوطنية للاستثمار، فإن الوحدات السكنية الموزعة (والتي لا تتجاوز 20 ألف وحدة سكنية) أسهمت في حل مشكلة الاختناق السكاني في مدينة بغداد، بمعنى أن هذه المدينة كان يمكن أن تؤسس لحلحلة أزمة السكن في العاصمة بغداد، لو كان إيقاع العمل ماضيا من دون معوقات، وبالرغم من ذلك يشهد لهذا المشروع انه أسهم في فك الاختناق السكاني في بغداد، علاوة على أنه وفر المئات لا بل الآلاف من فرص العمل لأبناء المناطق المجاورة وأحيا حركة الحياة في جنوب شرق العاصمة. 
وكان يمكن أن يوفر المزيد من الوظائف للسكان لو قدمت الأراضي المتروكة بين المناطق السكنية كفرص استثمارية للساكنين بحسب التصميم الأساس وبموجب شروط فنية تلزم المستثمرين، فتصنع المزيد من فرص العمل وتسهم في فك الاختناق المروري داخل العاصمة بغداد من خلال نقل أعمال بعض الساكنين من بغداد الى داخل بسماية، واشباع الحاجات التجارية والطبية والخدمية للسكان، فضلا عن الحاجة الماسة لاستثمار المرافق والمنشآت التي ما زالت مغلقة داخل المدينة منذ سبع سنوات على الرغم مما يقال بشأن إحالتها الى الوزارات المعنية.
في حين يشكل الطريق الرابط بين المدينة ومركز العاصمة بغداد لغزا محيرا للساكنين في ظل تكرار إحالته للجهات ذات العلاقة. 
وازاء كل ذلك ينتظر هذا المشروع مبادرة حكومية شجاعة تسهم فيها الصناديق المالية الحكومية بما فيها صناديق (الاسكان والتقاعد) وشركة التأمين الوطنية فضلا عن المصارف، لتخرجه من شكل المقاولة الى شكل الاستثمار، وتضع حدا لمخاض مدينة تريد أن تكون 
فاضلة.