السياسات العامة فيصل الإصلاح!

اقتصادية 2022/02/19
...

 ياسر المتولي 
 
ضمن إطار مسار الإصلاح الاقتصادي المطلوب والذي فتحت الصباح الأبواب للرؤى السديدة لتحديد السبل لنجاحه، أجد من الضروري متابعة المسارات السليمة التي تحقق الهدف.
إن المسار السليم للإصلاح الاقتصادي المطلوب من وجهة  نظري يرتكز على طبيعة السياسات العامة التي تحكم أنشطة القطاعات الاقتصادية بمختلف عناوينها، وكذلك لتنفيذ البرنامج الحكومي بدلالة هدف الإصلاح.
واحدة من أبرز التحديات التي تعيق التنمية الاقتصادية، وهي الهدف من الإصلاح هي انعدام السياسات العامة التي تحدد مسار نشاط اقتصادي بعينه، لذلك تجد أن من بين أسباب تعثر محاولات الإصلاح الاقتصادي غياب هذه السياسات.
لنأخد على سبيل المثال لا الحصر (قطاع الاستثمار)، وهو العنوان الأبرز في تحقيق التنمية الاقتصادية لأي بلد في العالم ولنقيم تجربة الاستثمار في العراق على وفق هذا المنظور.
في العراق قانون استثمار مثالي يضاهي قوانين الدول المتطورة ولكن واجه تعثرات عديدة، أين الخلل؟
تستند السياسات العامة لأي نشاط الى الخطط القصيرة والمتوسطة والطويلة الأمد، وهي بطبيعة الحال من مهام وزارة التخطيط، ومن ثم تنتقل المسؤولية في تنفيذ الخطط الى الأجهزة التنفيذية في الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في المحافظات.
لكن الملاحظ عدم اتباع الخطوات المطلوبة مما أفضى الى فشل تنفيذ المشاريع الاستثمارية في معظم محافظاتنا باستثناء كوردستان، وذلك يعود الى تعدد مصادر القرار بدليل الكم الهائل من المشاريع المعطلة (أتحدث عن الجانب الاقتصادي عدا الأسباب الأخرى المعروفة والتي لاتسع مساحة المقال إعادتها). 
وأقصد هنا البناء المؤسسي السليم الذي تحدثنا عنه في المقال السابق حيث يلاحظ أن تعدد هيئات الاستثمار يعد عائقا مضافاً كونها تعمل بمعزل عن خطط التنمية المتكاملة وواضحة المعالم لبناء وطن؛ لذلك نرى أن هذه الهيئات حلقة زائدة وترهل إداري لاجدوى منها كيف؟ إن من متطلبات الإصلاح الأساسية اختزال الروتين المعطل للتنمية، ونعتقد أن الهيئة الوطنية للاستثمار كافية لتسويق وجذب الاستثمارات، ومهمتها الأساسية تنظيم وتسهيل أمور المستثمرين، ومن ثم المساعدة في توزيعها بين المحافظات بالاستناد الى الخطط التنموية التي تضعها وزارة التخطيط والتي تعتمد على حاجة ومطالب المحافظات للمشاريع وتوزعها بما يضمن التوزيع الجغرافي الذي يكفل تحقيق التكامل الانتاجي والخدمي بين المحافظات وفقاً للتوزيع المبرمج للمشاريع .
وتكون الحكومة المحلية التي يرأسها المحافظون هي المسؤولة عن الإشراف والمتابعة والمراقبة على تنفيذ المشاريع استناداً الى التخصيصات الاستثمارية في الموازنة لكل محافظة بإدارتها اللامركزية، وبذلك نضمن مسارا دقيقا للإصلاح الاقتصادي.
إن عمليات البناء والإعمار تستند  الى العمل المنظم والمخطط في تقديم الأولويات للمشاريع التي تحقق التنمية التي تستهدف رفع المستوى المعاشي لأبناء المحافظات من خلال خلق فرص العمل للشباب العاطل، وتقديم أفضل الخدمات لهم عبر الالتزام بالتخطيط الممنهج للمشاريع الستراتيجية، وبذلك تتحقق التنمية الاقتصادية، كي نقول هذا هو طريق او مسار الإصلاح الاقتصادي السليم والناجح.