سعر الصرف.. نظرة إلى الأمام

اقتصادية 2022/03/09
...

 عبدالزهرة محمد الهنداوي
على مدى أكثر من عام، لم يتوقف الحديث والجدل، بشأن تغيير سعر الصرف الذي جرى قبل نهاية عام 2020، في ظل ظروف شديدة التعقيد، كان فيها البلد يواجه منزلقا خطيرا، بعد أن واصلت أسعار النفط انهيارها، رافقها تداعيات حادة ناجمة عن استمرار جائحة كورونا، ولعل تغيير سعر الصرف، كان الحل الأكثر نجاعة، لكي تتمكن الدولة من مواجهة تلك الأزمة، بعد أن ارتفعت معدلات الدين العام، وبدأ الاحتياطي من النقد الأجنبي يتناقص، لدى البنك المركزي.
وبالتأكيد أن القرار لم يكن سهلا، والجميع كان يدرك تداعياته الآنية، الصعبة، وهذه نتيجة طبيعية، لأي معالجات معقدة من هذا النوع..
وبعد مرور نحو 15 شهرا على التغيير، ومع ارتفاع أسعار النفط بنحو غير مسبوق، ارتفعت من جديد الأصوات المطالبة بإعادة سعر الدينار الى ما كان عليه قبل التغيير، فهل أن قرارا مثل هذا بالإمكان اتخاذه؟؟.
أعتقد أن الأمر ليس بالسهولة التي يتحدث بها المطالبون بالعودة الى السابق، فثمة أسباب كثيرة تحول من دون ذلك، من بينها، أن عملية التغيير  لقيمة العملة، رفعا وخفضا، يُفقدها هيبتها، كما أن  مرور أكثر من سنة على عملية التغيير، شهدت  الكثير من التعاقدات الداخلية والخارجية، أُبرمت جميعها وفقا للسعر الحالي، وعليه، فإن خفض السعر من جديد، سيخلق حالة شديدة من الإرباك، ستلقي بظلال سلبية قاتمة على المشهد الاقتصادي، وسيعرض الاقتصاد العراقي الى هزات ارتدادية قد تكون عنيفة، في وقت مازالت الحكومة تعالج التداعيات الناجمة عن رفع السعر عام 2020 ذات الصلة بالتعاقدات الحكومية، والأضرار التي لحقت بالمقاولين.
ومن جانب آخر، فإن الموازنة مازالت بحسب بنائها المقترح تواجه عجزا، بلحاظ أبواب الإنفاق الحاكمة وهي واسعة وكثيرة جدا (الانفاق التشغيلي)، قابل ذلك ارتفاعا حادا لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والإنشائية على مستوى العالم خلال السنتين الماضيتين، ووفقا لذلك فإن العودة إلى السعر القديم، لن يسهم في خفض أسعار هذه المواد، بقدر حالة الإرباك التي ستنتج عن هذا الإجراء، كما أن معدل سعر بيع النفط العراقي، خلال العام الماضي 2021 كان يتراوح بين 65 - 70 $ للبرميل، في وقت لايمكن  الوثوق بسوق النفط، فقد تتعرض الأسعار الى حالة انهيار في أي لحظة، نتيجة الأحداث المتسارعة التي يشهدها العالم.
إذن ما لحل؟.. الحل يكمن في تفعيل القطاعات التنموية غير النفطية، ودعم الشرائح الهشة، عبر شبكة الحماية الاجتماعية وتحسين مستوى البطاقة التموينية، وتشجيع المزيد من الاستثمار في جميع القطاعات، ومنح القطاع الخاص المساحة المطلوبة لتنشيط الحركة الاقتصادية، وتوفير المزيد من فرص العمل اللائقة.