برمجة الخصخصة

اقتصادية 2022/04/01
...

 ثامر الهيمص 
 
تحمل الخصخصة شرعيتها انطلاقا من الدستور، وبما أن هناك طبقة اجتماعية اقتصادية جاهزة للشراء او مشاركة القطاع العام في نشاطه، يصبح الأمر اعتياديا حتى في دول رأسمالية عريقة، أما التجربة ذاتها عندما تطبق في البلدان النامية، فإن هذه الطبقة غالبا ما تجنح للارتباط مع نظيراتها من الطبقات الاجتماعية المتجانسة اقتصاديا في الدول المتقدمة، ولذلك تسمى الجانحة بالطبقة البرجوازية الكمبرادورية، والتي تعرف أكاديميا بأنّها (الطبقة البرجوازية التي سرعان ما تتحالف مع الرأسمال الأجنبي تحقيقا لمصالح وللاستيلاء على السوق الوطنية).  
وفي هذا السياق مثلا تجري عملية خصخصة ألبان ابو غريب، رغم أنها ناجحة وقائمة وتنتج، مستفيدة من تاريخها واسمها التجاري المشهور، ومن هنا تبدأ الإشكالية، إذ إنها شركة ناجحة رغم عثرات لا علاقة لها بأي عوامل موضوعية، أبرزها الإغراق المنظم لكبحها من منافسة منتجات دول الجوار، غير المتواكب مع قانون حماية المنتج الوطني وحماية المستهلك.
ومن هنا يثور سؤال.. هل الشركة الأجنبية عندما دفعت ثمن شراء خطوط انتاج معينة، أين تم توظيف المبلغ المستوفى؟ هل لإقامة مشاريع لتربية الأبقار والجاموس وتوفير أعلافها مثلا، ام لتوفير الحليب الخام الذي سبق للشركة العراقية المباعة أن حصرت مادتها الخام في الأرض العراقية؟، ام تستورد خاماتها ايضا من البلد الأم؟ لأنه بذلك يصبح هذا الاستثمار هو الكمبرادورية بعينها، ومجرد امتداد لمرحلة ثانية لتجارة الإغراق للسيطرة على السوق العراقية في مادة ليست ترفيّة. وهكذا نبقى ندور في فلك الشركة المصدرة للمادة الخام تسويقا وتسعيرا وتحويلا رسميا للأرباح.  
وهذه ليست تجربة وحيدة، وإنما مجرد اقتداء مطروح سابقا عندما تم مثلا في مادة زيت الطعام، وموقف وزارة التجارة من الأسبوع الأول للحرب بين روسيا وأوكرانيا على استيرادها رغم وجود مصنع لإنتاج الزيت، ولكن على الطريقة ذاتها باستيراد المادة الخام، رغم امتلاك القطاع العام مزارع للسمسم وعباد الشمس وبذور القطن والزيتون كمواد خام عراقية.
ما يلفت النظر أكثر أن إنتاج الألبان والزيوت النباتية لا يسدان الحاجة، ففي هذه الحال نستورد الألبان والزيت من الشركات الأم حيث تتطابق فنيا وتتعزز المصالح وتتعمق لمزيد من التبعية لنخلق عملية تكامل بين منتج محلي وبين مستورد ولكن بيد واحدة. 
العمالة الوطنية تحولت إلى بطالة مقنعة ثم عثرة استثمارية، كون المعمل اختلفت طبيعة أدائه فنيا، إذ باتت التعبئة لولب العمل، فجميع معامل وزارة الصناعة ذات مواد خام عراقية المنشأ، فلا بأس أن تخصخص او تتشارك، بشرط أن تحيي وتنمي ثروتنا الزراعية والحيوانية، ولها أي الشركات المستثمرة، أن تضغط لحماية المنتج العراقي من دون التفاف.