بين النمو والتنمية

اقتصادية 2022/05/09
...

  محمد شريف أبو ميسم
بموجب ما أشار اليه تقرير صندوق النقد الدولي مؤخرا، بشأن تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي من نحو 6.1 بالمئة في العام 2021 الى 3.6 في عامي 2022 و 2023، توقع التقرير أن يتصدر العراق عموم الدول العربية بمعدل نمو 9.5، لا بل إن المعدلات الواردة في التقرير ازاء كل دولة من دول العالم المشار اليها لم تتجاوز المعدل الذي توقعه التقرير لنمو الاقتصاد العراقي.
وتأتي هذه التوقعات في إثر الزيادة في أسعار النفط الناجمة عن تداعيات الحرب في أوكرانية، إذ شهدت أسعار الوقود ارتفاعات سريعة، كان لها تأثير كبير في زيادة نفقات البلدان المستهلكة للنفط، وجرت خلفها سلسلة من التأثيرات السعرية في أسواق السلع العالمية، وانكماش أفضى الى تباطؤ في معدلات النمو، في حين أسهمت ارتفاعات الأسعار في زيادة ايرادات البلدان النفطية.
ويبدو واضحا، أن توقعات زيادة معدل النمو في بلدنا ذات صلة بزيادة الإيرادات النفطية مقارنة بإيرادات السنة السابقة، مع أن مصطلح النمو الاقتصادي بموجب التعاريف العلمية هو تغيير إيجابي في مستوى إنتاج السلع والخدمات خلال فترة معينة من الزمن، ولذلك فهو يعني بشكل عام، زيادة الدخل لدولة معينة. 
ويقاس النمو الاقتصادي باستخدام النسبة المئوية لنمو الناتج المحلي الإجمالي في سنة ما، مقارنة بسابقتها، وعادة ما ينسحب مفهوم معدل النمو الى مساحة مفهوم التنمية فيتشابك معه، مع أن الفارق كبير بين المفهومين إذ تشير التنمية الى سلاسة دورة رأس المال في الاقتصاد الكلي وتفعيل عموم القطاعات الحقيقية والقطاعات الساندة لها مع الحلقات القطاعية الأخرى، في سياق إجراءات مستدامة ومنسقة يتخذها صناع السياسة بالتعاون مع القائمين على بيئة الأعمال، والتي تسهم في تعزيز مستوى المعيشة ويتحول فيها الاقتصاد الى حالة 
متقدمة.
ويمكن أن تتحقق التنمية المستدامة في البلدان غير الريعية، عبر استثمار الموارد البشرية والطاقات المتاحة غير الريعية، فتفضي هذه التنمية الى ارتفاعات معدلات النمو السنوية، في حين قد لا تفضي معدلات النمو العالية في البلدان الريعية الى تنمية حقيقية، ما لم توظف الايرادات المالية بشكل صحيح، حينها يكون النمو مجرد تراكم مالي وحسب.
ويحدونا الأمل أن تستثمر هذه الموارد عبر تحفيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، واتباع نظام الصناديق الحكومية لدعم خدمات البنية التحتية والتعليم والصحة والسكن والنقل داخل المدن، والاستثمار الأمثل بالموارد البشرية، فقد أثبتت التجارب أن إهمال هذا النوع من الاستثمار يفضي دوما الى الفشل.