مراكز الأبحاث

اقتصادية 2022/05/29
...

 ياسر المتولي 
 
أثارت حزمة الإصلاحات الاقتصادية والإدارية المصريَّة، والتي قررها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤخراً، الانتباه لما تضمنته من حركة تصحيحيَّة باتت مثار إعجاب الكثيرين .
وأبرز فقرة لفتت انتباهي هي قرار حصر الاستشارات للدولة بأساتذة الجامعات ومراكزها البحثيَّة .
وكما هو معروف فإنَّ أغلب الدول المتقدمة في العالم تعتمد في استشاراتها على المراكز البحثيَّة مقابل ثمن تقديراً للجهود التي تبذلها.. لكنَّ المقاربة الغريبة في الأمر أنَّ مراكزنا البحثيَّة هنا المعروفة والموثوقة تقدم استشاراتها مجاناً ومن دون أي ثمن ولا حتى كلمة ثناء من قبل الجهات المستفيدة.
إنَّ التنمية الحقيقيَّة التي يراد تحقيقها تجد حلولها وآلياتها مدرجة في أروقة ورفوف هذه المراكز البحثيَّة ولكن من دون جدوى.
وأنا أتصفّح المنهاج السنوي لأحد هذه المراكز وجدت فرشة من الأبحاث والدراسات الكفيلة بإنقاذ اقتصاد البلد من محنته وتحدياته الكثيرة.
ويمتلك العراق، فضلاً عن الجامعات ومراكز بحوثها، مراكز ومنظمات رصينة تضم في ثناياها خبراءً مخضرمين وأساتذة متخصصين تطوعوا في هذه المراكز إيماناً منهم بخدمة اقتصاد بلدهم وتخليصه من التحديات التي تعيق نموه وتطوره وغالباً ما يقدمون دراساتهم من دون طلبٍ من الجهات المعنيَّة لإيمانهم بضرورة التصدي لأسباب الفشل.
وأذكر على سبيل المثال، لا الحصر، معهد التقدم للسياسة الانمائيَّة، ومعهد العراق للإصلاح  الاقتصادي لمؤسسيهما المفكرين الراحلين د.مهدي الحافظ ود.كمال البصري، وكذلك منتدى بغداد الاقتصادي، وغيرها العديد من المراكز الرصينة التي لامجال لتعدادها في مساحة هذا المقال والتي لا تزال نتاجاتها الكثيرة متوفرة سواءً في أرشيفها أو في سلال الإهمال لدى الجهات المستفيدة للأسف.
ولذلك تجد أنَّ كل الحلول التي حاولت تقديمها تلك الجهات المعنيَّة لم تحقق الإصلاح المنشود الذي يحقق التنمية المطلوبة، وإذا أريد تحقيق تنمية حقيقيَّة فعلى الحكومة المقبلة، وهي تتحمّل مسؤولية شاقة بهذا الخصوص، الاعتماد على هذه المراكز المتخصصة، ويتعين إيلاؤها  الاهتمام الذي يليق بمكانتها العلميَّة ليكون حافزاً للمراكز على ديمومة عطائها من أجل بناء الوطن. تأتي هذه الدعوة للإفادة من هذه المراكز بعد أنْ عجزت أغلب الحكومات عن تحقيق أي تنمية اقتصادية تذكر، ويتعيّن إجراء التعاون والتنسيق بين أجهزة الدولة مع هذه المراكز للإفادة من بحوثها ودراستها وتوصياتها بالحلول العلميَّة الدقيقة، ولعلَّ من المفيد الدعوة أيضاً للإفادة من تجارب العالم الإصلاحيَّةً الرائدة على مستوى محيطينا العربي والإقليمي .