التخطيط الإقليمي طريق التنمية المستدامة

اقتصادية 2022/06/08
...

 د. مالك الدليمي
 
كثر في العقود الأخيرة، تداول المصطلحات العلميَّة بين الناس وزاد بين المهتمين من المتخصصين او من الآخرين، استخدام مصطلحات الاقتصاد والمالية والتخطيط والتنمية المستدامة، التبادل التجاري وتحسين الإنتاج، والكارتلات النفطيَّة، والشركات متعددة الجنسيات، وغيرها من المصطلحات المتشابهة.
ولعل مصطلح التخطيط الذي يعني بشكل مبسط قيام عدد من النشاطات الاقتصادية لتحقيق نتائج إيجابية لصالح الحكومات وشعوبها ببذل جهود قليلة وبتكاليف محدودة ووقت مقبول، كل ذلك وغيره من المفاهيم بدأت تطرح نظريات وقواعد يتم تطبيقها على الواقع تصدى لها عدد من الخبراء وأصحاب العقول على مساحة الأرض وملأت صفحات الكتب والتقارير والصحف والمجلات ودخلت أروقة الجامعات وأقسامها العلميَّة ورفوف مكتباتها، وتنافست المنظمات المهتمة بذلك بعقد المؤتمرات والندوات والحوارات في القنوات التلفزيونيَّة التي انتشرت في السنوات الأخيرة وأصبحنا نشاهد قنوات خاصة لمثل هذه النشاطات إضافة للبرامج الأخرى المشابهة . ومن أنواع التخطيط، الذي أصبح هدفاً ملازما لعمليات التطور والتقدم للحكومات والدول، هو التخطيط الاقتصادي وعلاقته بالتنمية والتنمية المستدامة، وتفرّعت من هذا المصطلح عدة مفاهيم ومنها التخطيط الإقليمي، باعتباره طريقاً ناجحا للوصول للتنمية المستدامة التي تضمن تصاعد عملياتها واستمرارها وبكل النشاطات الاقتصادية، ومنها الزراعية والصناعية والخدمية كالتعليم والصحة وغيرها من الخدمات الإنتاجية الأخرى التي تحتاجها الشعوب.
والتخطيط الأقليمي بصورة مبسطة هو رصد جميع الإمكانيات الماديّة والبشريّة في بلدٍ ما ومحاولة توزيعها بصورة عادلة على مساحة البلد الواحد، وهو محاولة لتغطية الحاجات من أقاليم ومدن وريف البلد الواحد وتحويل الفائض من مكان تتوفر فيه إلى مناطق أخرى تفتقر إليها، ما يتطلب، من دون شك، أصحاب الخبرة والمختصين من الملاكات المؤهلة والكفاءات العلميَّة التي تحترم أفكارها ومقترحاتها، ويتم تطبيقها من أصحاب القرار السياسي خدمةً لمواطنيها. ومن الدول التي أخذت بهذا النهج وطبقت نظريات التخطيط الإقليمي، هي فرنسا التي تعد من البلدان الرائدة في هذا الموضوع، الذي ابتكره عالمهم (فيدال دي لابلاش) الذي أخذت نظرياته تغزو جميع الأقسام العلميَّة كالاقتصاد والجغرافيا والاجتماع في جامعات العالم وأدخلها أصحاب القرار في الدستور الفرنسي وتمَّ الأخذ بها كمنهج للتطور والتنمية في العديد من الدول في أوروبا وافريقيا واسيا والأميركيتين الشماليّة والجنوبيّة.
ونجد أنَّ هذه الدول التي طبّقت نظريات التخطيط الإقليمي قد حققت نجاحات وتطورا ونموا اقتصاديا وتنمية مستدامة، وهذا يتطلب إيجاد فريق علمي يقوم بإدارة كل النشاطات والمشاريع ويضم جميع الخبرات الهندسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة يرأسها الجغرافي بوضع الخطط المطلوبة للتنمية 
المستدامة. وفي العراق يوجد مركز للتخطيط الحضري والإقليمي للدراسات العليا وهو الوحيد في المنطقة تمَّ تأسيسه منذ ما يقرب من النصف قرن يمكن الإفادة من ملاكاته الذي تمَّ إعدادها إعداداً علميّاً صحيحاً.