تطبيق التجربة اليابانيَّة يُسْهِمُ بتطوير العمل

اقتصادية 2022/06/13
...

 بغداد: مصطفى الهاشمي
نظم مركز بحوث السوق وحماية المستهلك دورة تدريبيَّة تناولت موضوع تبسيط الإجراءات الإداريَّة بشأن التحسين المستمر في أساليب أو إجراءات العمل، لضمان تحقيق الجودة، ما يدعو لوضع نظام يدفع المؤسسات بكل أشكالها باتجاه التطوير وفق سقوف زمنيَّة محدّدة لمواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي ومعالجة الأخطاء بهدف تبسيط الإجراءات الإداريَّة.
 
وفي هذا الشأن بيَّنت مديرة الدورة د. وصال عبدالله حسين: “يعد نظام التحسين المستمر للعمليات الإداريَّة، مهما لكونه أحد أنظمة الجودة التي يهدف الى تحسين العمليات المؤثرة في أساليب العمل بشكل تدريجي ومستمر، ومن تلك الأنظمة أنموذج كايزن (KAIZEN)  الذي يتميز باشتراك العاملين في تطوير العمليات، كما أن نتائج التحسين تظهر بشكل ملحوظ خلال فترة تطبيق الأنموذج”.
 
ستراتيجيَّة كايزن
أوضحت حسين أنَّ “كلمة KAIZEN  اليابانية تُترجم إلى التحسين (المستمر) أو التغييرات للأفضل وتتألف من جزءين هما kai التحسين أو التغيير و zen  الأفضل أو الأحسن، وتنبع تلك الستراتيجية من فلسفة العمل اليابانيَّة، التي تركز على النمو التدريجي في الإنتاجية من خلال مشاركة العاملين في عملية التحسين في إجراءات العمل”.
وأفادت أنَّ “الهدف العام من كايزن، يأتي لتحقيق تغييرات بسيطة خلال فترة زمنيَّة معينة لتغيير وتحسين نمط معين، سواء على مستوى مؤسسات العمل أم على المستوى الاجتماعي، ورغم بساطتها وصغرها، فإنّها تحقق تأثيرات كبيرة وملحوظة وفعّالة في المستقبل، كأن يقوم عامل النظافة بكنس مدخل الشركة بشكل يومي ويستغرق فيه وقتا طويلاً، فعملية التحسين التي يجريها هذا العامل بهدف تخفيض الوقت، مثلا، عندما يسد الفراغات الموجودة تحت أبواب المدخل ليمنع دخول التراب من تحتها، هذا التغيير الذي يقوم به سيؤدي وبشكل تراكمي لتخفيض الوقت اللازم لكنس المدخل، معنى ذلك انه قام بتخفيض هدر الوقت، من خلال تحسين او تغيير بسيط في آليَّة عمله”.
وتابعت يُستخدم مبدأ كايزن بشكل متكرر في عالم الأعمال لوصف عملية التخلص من ما هو غير مفيد في إجراءات العمل، بهدف رفع الكفاءة، إلا أنّ تطبيقها لا يقتصر على الأعمال فحسب، بل يمتد ليشمل جميع جوانب الحياة اليومية والعملية، لذا يعد تطبيق هذا المبدأ من أهم ما يجب الالتفات إليه لتحقيق التحسين المستمر في إجراءات العمل”.
 
الخطوات الخمس 
ذكرت باحثة المركز أنَّ فلسفة كايزن تتضمن 5 خطوات، الأولى التصفية او التصنيف وتتضمن فرز وتصنيف أوراق العمل والتخلص من الأشياء غير الضرورية، بمعنى ضرورة إجراء الفحص الدوري (شهريا أو أسبوعيا) للتأكد من حالة جميع الأوراق والمستندات تحت اليد، وهل ما زلت بحاجة اليها حقًا أم أن وجودها مجرد تكديس وزحام فقط؟ بشكل عام تعني تلك الخطوة القيام بأعمال الفصل بين الأشياء الضرورية وغير الضرورية، التخلص من الأشياء غير الضرورية، تصنيف الأشياء الضرورية وفق معدل تكرار
 استعمالها”.
واستطردت “الخطوة الثانية الترتيب أو التنظيم، اي الاحتفاظ بالأشياء الضرورية منظمة ومرتبة وتخصيص مكان لها، بمعنى ان تطبيق تلك الخطوة يتضمن قاعدة الـ 30 ثانية، فالأشياء التي تبحث عنها ولا تجدها خلال 30 ثانية، يعني أنك بحاجة إلى إعادة ترتيب والبحث عن حلول مبتكرة للتخزين والترتيب”.
وقالت: “أما الخطوة الثالثة فهي التنظيف، اذ تهتم فلسفة كايزن بالاحتفاظ بمكان العمل والأدوات نظيفة، وخالية من النفايات والمواد الغريبة، بما يبعث على الهدوء والارتياح النفسي لتحقيق انتاجية 
عالية”.
ولفتت الى أن “الخطوة الرابعة تتمثل بالتقييس (توحيد أساليب العمل)، وتعني المحافظة والصيانة لكل ما ورد، إذ إن توحيد أساليب العمل يتعلق بتوفير وتطوير الوسائل والأدوات التي تمكن كل فرد في مكان العمل من أداء الأعمال الصحيحة بالطريقة نفسها، ووضع أساليب التقييم وفقا للمعايير المطلوبة”.
وذكرت أنَّ “الخطوة الخامسة تتمثل بالتدريب والانضباط بهدف جعل العمل بالبنود الأربعة السابقة كعادة في السلوك الإنساني، كي يلتزم جميع العاملين في المنظمة بقوانين ولوائح وتعليمات العمل وتنفيذها بشكل صحيح وفعّال، فعندما لا يقوم عامل بتنفيذ عمله بالشكل المطلوب، معنى ذلك أنه لم يحصل على التدريب الكافي أو أنه لم يدرك أهمية عمله، والأضرار التي قد تنجم عن إهماله لتعليمات العمل، ومن ثم يجب تكرار التدريب حتى يصل العاملون إلى مستوى الفهم والإقناع الذي يجعل من مناخ العمل مناخا صحيّا يسوده 
التعاون”. 
هكذا بنت اليابان نهضتها من جديد بفضل تطبيق فلسفة الكايزن، تعمل هذه الفلسفة على تقليل الهدر بالجهد والوقت والطاقة، فالعلم + الأخلاق+ العمل= نهضة 
حقيقيَّة.