22 منفذاً للاستثمار

اقتصادية 2022/06/18
...

 ثامر الهيمص
عندما نسمع رسميا عن هدر ترليون دينار بين فرعين لمصارف حكومية، هما الزراعي والرشيد، كان غالب هذا المبلغ متجها للاستثمار في الزراعة او الصناعة او السكن، ولا شكَّ أن هذا الهدر يمثل خللا خطيرا بكل المقاييس الرقابية والادارية وحتى السياسية، ولذلك لم نستغرب تلكؤ آلاف المشاريع في ضوء هذا التراجع في الأداء، ولذلك بات معروفا أن الدورة الاقتصادية (التي يغذيها فقط النفط الخام ) تكتمل خارج الحدود، من خلال استيراد فريد ولم يتفاعل مع المشاريع الداخلية، بل معزول تماما كونه استهلاكيا كليا . 
البعض يعزو السبب لعوامل خارجية، نقول نعم، وهذه قواعد اللعبة تاريخيا، فدول الجوار وغيرها ليست جمعيات خيرية، ولا يربطنا بها تحالف اقتصادي، كما الاتحاد الاوروبي مثلا او دول الاسيان، أي بموجب برامج متكاملة تنظم الصادرات والواردات بينهم ليزدهروا معا. 
اما الحجة الثانية فهي البيروقراطية وحق الفيتو لكل منافذ الاجازة الاستثمارية، فمن الحقائق الثابتة أنه لا يمكن استنساخ التجارب، ولا مجرد اللامركزية كفيلان بالنجاح بأي صعيد، اذن الابتكار والابداع هما ضرورة النقلة النوعية التاريخية، فتجربة مجالس المحافظات فشلت ليس لإنها اداة لامركزية، بل زجت بمعركة غير متكافئة وبدون سلاح العلم او التجربة، اضافة لعدم وضوح الرؤية ولذلك كانت ثغرة المخالفة أوسع . 
لذا علينا الاعتماد على انفسنا، فلسنا لدول الجوار احد مشاريعهم، كما لمسنا بملف المياه والكهرباء وما خفي اعظم لنعود ونؤكد أن الحل ليس خارجيا . 
امكاناتنا ليست محدودة، اذ لدينا وزارة التخطيط وجامعات بكل محافظة، ولدينا نواب منتخبون حسب مناطقهم الادارية، ومن خلال ناخبيبهم ضمن الرقعة الجغرافية، هذا الثلاثي هو البديل، فوزارة التخطيط وبموجب التنمية المكانية، التي تضع العراق نصب أعينها في الخطط لتتكامل، معززة للتجارة والتبادل الداخلي اضافة لمعرفتها الإمكانات الداخلية. 
نسأل هنا ما دور نائب الرقعة الجغرافية في دفع الاستثمار للامام؟ يكاد يكون صفرا، حيث لم نسمع صوتا عاليا عند تصفير الجمارك كمرحلة، اذن ليكن لنائب الرقعة ولاءً لرقعته أكثر من حزبه، حيث يلجأ لأساليب كسب انتخابي لا علاقة له بالاستثمار كمستقبل حقيقي . 
اما دور الجامعة (المعزولة محليا)، فهذا يعزل الاستثمار عن المشورة بأجنحتها العلمية والإدارية والفنية، لتصبح مجرد رافد لبطالة الخريجين، في حين نجاح أي مشروع تنموي له علاقة مباشرة بجدولي الفقر والبطالة . 
إن التخطيط راسم الهدف ومتابع للانجاز ضمن المدة المخططة، وكل ما له علاقة بالمشروع مباشرة اوغير مباشرة، اما النائب فليس هناك مكافأة له خير من رضا ناخبيه لكل دورة، التي تصبح معيارا حقيقيا وليس شعاراتيا، من حصانته للتدخل في تذويب عثرات البيروقراطية، وكذا الجامعة المفروض أنها ملمّة بكل ما يتعلق بجغرافية وديموغرافية واقتصاديات المنطقة وادارياتها واحتياجاتها الاساسية ومكامن اقتصادها فوق وتحت الأرض .
بعد وضوح الهدف مركزيا معززا للتكامل الوطني من قبل التخطيط، يكون المحافظ هو المنسق للأدوار الثلاثة، ساعيا لإصدار القوانين بالتضافر مع النائب والجامعة، ما يسهل انسيابية العمل مختصرا الهيئات واللجان كعثرات ومعيار لإنجازه، بموجب النتائج فقط،  ولا معايير أخرى ثبت فشلها، بل انهيارها على جميع الأصعدة .