ارتفاع أسعار العقارات سببه كتلة نقديَّة بلا ضوابط

اقتصادية 2022/06/18
...

زحف المولات ومراكز التجميل زاد الوضع سوءاً
 
تتفاقم مشكلة السكن في البلد، خاصة في بغداد، اذ تشهد العقارات السكنية ارتفاعا كبيرا في الأسعار وبطريقة مريبة، والبعض من المختصين واصحاب مكاتب العقار أرجعها إلى تحرك كتلة نقدية كبيرة، في بغداد على وجه الخصوص، من دون ضوابط، مصدرها غسيل الأموال أو أموال الفساد المالي، التي بات يصعب على أصحابها تهريبها إلى الخارج، ما جعل المفسدين يعمدون إلى استثمارها في العقارات السكنية، فضلا عن زحف عشوائي للمولات وعيادات الأطباء ومراكز الترفيه والتجميل نحو الأحياء السكنية ما زاد الوضع تعقيدا وسوءا. 
 بغداد: عماد الامارة
وحلل بعض اصحاب مكاتب العقار في بغداد هذه الظاهرة، ومنهم حارث المحمود الذي قال لـ”الصباح”:  إنَّ “الارتفاعات التي تشهدها أسعار العقارات السكنية والاراضي وحتى التي تحمل جنس الارض الزراعية، غير مسبوقة في تاريخ العراق وفاقت أسعارها دول الجوار وحتى الإمارات العربية، مع بقاء الخدمات من الكهرباء والماء على حالها، لا نقول المتردي، بل الضعيف مقارنة بامكانات العراق الاقتصادية والمالية”.
وتابع المحمود {حتى العام 2018 كانت أسعار العقارات معقولة، لكنها شهدت طفرات سريعة وكبيرة في نهاية 2020 وحلول 2021}، مضيفا “وصلت الأسعار ذروتها في العام الحالي، ونحن كمكاتب عقار أربكنا هذا الوضع وأوجد لنا مشكلات، أهمها الركود الذي أصاب البيع والشراء، بسبب ارتفاع الأسعار وعدم قدرة ذوي الدخل المتوسط وأحيانا الدخل العالي نسبيا على الإقدام على الشراء، وعلى سبيل المثال في بعض مناطق الكرخ وبالتحديد منطقة الداودي، تم بيع المتر الواحد ومنذ شهر مضى بـ 3500 دولار، علما أن الاحياء المطلة على الشارع الذي اصبح تجاريا ويسمى بشارع التانكي وصلت الأسعار فيه إلى 9000 دولار”.
وتابع المحمود “كذلك هي الأخرى منطقة الداودي التي باتت أسعارها أعلى من اليرموك والمنصور ولأسباب غير معروفة صراحة، فقد بيع سعر المتر الواحد في منطقة الداودي المقابلة لسيد الحليب بسعر 7000 دولار”.
 
مصدر الأموال
في الموضوع ذاته قال المهندس صفاء العلي: إن “من حق المواطن العادي وليس المختص فقط سواء كان مهندسا أو مساحاً أو صاحب مكتب للعقار، أن يصاب بالدهشة والقلق من هذه الأسعار ذات الصعود المستمر، فضلا عن أن هذا القلق يعتريه الشك والخوف من مصدر هذه الأموال التي باتت تبلغ مليارات الدنانير أو ملايين الدولارات”.
واستشهد العلي بموقف جرى أمامه قائلا: “أعطيكم مثالا على ذلك، يقوم شاب منذ نحو ستة أشهر، وهو بعمر الثلاثين، بشراء سبعة بيوت دفعة واحدة في أحد احياء بغداد الراقية وبسعر 4200 دولار للمتر الواحد، ولم يكتف بذلك، بل قام بهدم هذه البيوت سوية وأعاد بناءها من جديد”.
 وتابع أن “زحف العمارات السكنية التجارية في الاحياء السكنية، جاء من دون الالتزام بضوابط اجازة البناء، ليقوم بعدها صاحب الأرض بتشييد أعمدة العمارة عندها تقوم أمانة بغداد بمنعه من العمل، وبعد فترة يعيد العمل من جديد، وهذا الامر يحدث تكرارا والاسباب مجهولة أو معروفة، لا نريد الدخول في تفاصيلها”- على حد قوله.
 
حلول المشكلة
وعن الحلول والمقترحات لهذه المشكلة، قالت عميد كلية ادارة اقتصاديات الاعمال في جامعة النهرين الدكتورة نغم حسين: إن “الحلول لمشكلة السكن متعددة ولا يوجد حل واحد، ولكن الحل الرئيس يكون بالتركيز أو تشجيع البناء العمودي بدل الافقي المنتشر في احياء بغداد وبقية المحافظات، كون امتداد العمودي يستغل مساحة أقل من الارض، مقارنة بالبناء الافقي، الذي يكون في أحيان كثيرة فيه تجاوزات على الأرض العامة، كالأرصفة والمساحات الخضراء وتقديم الخدمات العامة افضل في البناء العمودي من الأفقي”. 
وأضافت حسين  أن “الحل الآخر والضروري في هذه المرحلة هو العمل على تنوع وتعدد الجهات الممولة للمجمعات السكنية في بغداد والمحافظات، وأن تكون الأموال المخصصة للمواطن معقولة وبفائدة مناسبة، يستطيع عندها المواطن ذو الدخل المحدود والمتوسط تحملها، مع تقديم التسهيلات اللازمة للاستثمار في الاسكان والتوجه نحو بناء مدن سكنية خارج حدود امانة بغداد، التي باتت حدودها ضيقة نتيجة التوسع العمراني أو بالأحرى المبعثر 
والعشوائي”.