تحذيرات عراقيَّة وأمميَّة.. في 2040 بلاد ما بين النهرين {بلا أنهار}

بانوراما 2022/07/07
...

  ديل كافلاك
  ترجمة: ليندا أدور
في تقرير صادم صدر خلال شهر كانون الأول الماضي، أطلقت وزارة الموارد المائية العراقية  تحذيرا أشارت فيه الى أن الاستمرار بفقدان مياه نهري دجلة والفرات، اللذين يعدان العمود الفقري لموارد البلاد من المياه العذبة، يمكن أن يسهم في تحويل العراق الى {أرض بلا أنهار بحلول العام 2040}. 
 
ليس هذا فحسب، بل أدرجت الأمم المتحدة العراق ضمن البلدان الخمسة الأولى الأكثر تأثرا بالتغير المناخي في عموم انحاء العالم، مع تناقص مساحات أراضيه الصالحة للزراعة بسبب زيادة التملح وقلة تساقط الأمطار وموجات الحر الشديد الطويلة وتزايد العواصف الترابية. مؤخرا، وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، أطلقت العديد من الوكالات التابعة للأمم المتحدة نداء عاجلا تحث فيه على العمل من أجل حماية العراق، اذ يشير محللون الى أن مخاوف كل من تركيا وإيران المتعلقة بمسألة المياه وتحديات التغير المناخي قد تشكل عقبة أمام تحقيق ذلك. 
 
تقاسم عادل
بعيد اتصاله مع نظيريه التركي والإيراني، يقول مهدي الحمداني، وزير الموارد المائية العراقي، بأنه لا يزال بانتظار المفاوضات حول واردات البلاد المائية، في الوقت الذي حضت فيه الأمم المتحدة البلدان الثلاثة المتجاورة على التوصل الى ترتيب معين لتقاسم عادل للمياه.   
“على مدى قرون، غمر نهرا دجلة والفرات بلاد العراق، مجددين أراضيه الزراعية التي كانت يوما ما خضراء، لكن هذا الفيض توقف منذ العام 1968، بعد أن بنيت السدود في تركيا، حيث ينبع النهران، لأغراض تتعلق بإنتاجها للطاقة الكهرومائية، الى جانب قيام إيران بإعادة توجيه فروع الأنهر المؤدية إلى نهر دجلة لحاجتها الى المياه هي الأخرى”، هذا هو التحذير الذي أطلقه عزام علوش، مؤسس المنظمة البيئية (طبيعة العراق)، التي أسهمت في إعادة إحياء الأهوار جنوب البلاد والتي تعرضت هي الأخرى للجفاف. 
يقول علوش، الأستاذ في الجامعة الأميركية بالسليمانية, بأن: “ الفلاح العراقي اعتاد على وفرة المياه، لا نقصها، وقد تمَّ تصميم وبناء هيكلية إدارة المياه في العراق بالكامل، اعتمادا على وقت كانت الفيضانات فيه هي القاعدة الطبيعية”. 
مضيفا: “لكن من خلال الاتفاق مع تركيا في ما يتعلق بأسس تشغيل بعض السدود، سنتمكن بالفعل من التوقف عن استخدام مياه البحيرات الاصطناعية، التي أنشئت بهدف السيطرة على الفيضانات، ما سيؤدي الى المزيد من الوفرة في المياه لاستخدامها من قبل المزارعين والمدن على حد سواء”. 
مع ذلك، لا يعلق علوش وآخرون الكثير من الآمال على هذا الحل، مشيرا الى أن سكان العراق في تزايد مستمر، ويرافق ذلك تزايد مستمر في استهلاك المياه، الى جانب التحديات التي تواجه البلاد بسبب التغير المناخي.
 
نافذة ضيقة
بدوره، يشير توبياس فون لوسو، الباحث لدى معهد كلينغندايل للعلاقات الدولية في هولندا من أن بعض المراقبين يرون بأن ممر شط العرب المائي، نقطة التقاء نهري دجلة والفرات قد “يجف عاجلا أم آجلا”، محذرا من وجود “اتجاهات مثيرة للقلق” وبأن “هناك نافذة ضيقة وصغيرة جدا للحيلولة دون حدوث ذلك”. يقول فون لوسو إن مشاريع المياه جنوب شرقي تركيا، بشكل خاص، كان لها التأثير الكبير في ذلك”، مضيفا بأنها تسببت في انخفاض معدلات تدفق المياه الى العراق بنسبة 30 الى 40 بالمئة منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، وحتى الآن، ولا يزال هذا الاتجاه مستمرا. وأشار الى أن تغير المناخ والتدهور البيئي يسهمان في تسريع 
الوتيرة. 
ويعلق لوسو مختتما: “سنشهد المزيد من مواسم الجفاف ونقص المياه وعواصف رملية وأخرى ترابية، وسنشهد حدوث كل ذلك بتواتر أكبر وأكثر انتظاما مستقبلا، وأن العراق أمام خيارات محدودة، إذ يمكنه العمل على إدارة المياه المحلية، فضلا عن الدفع بقوة أكبر باتجاه تحقيق الإصلاحات الزراعية وانتقاء المحاصيل وتكنولوجيا الري. 
 
*موقع إذاعة صوت أميركا