متابعة المدن الصناعيَّة

اقتصادية 2022/07/20
...

 ثامر الهيمص
 
كان وما زال شعار (صنع في العراق) هدفا مركزيَّا لهيئة المدن الصناعيَّة، تجسيدا لما جاء في قانونها، فسارعت بالمباشرة في إقامة ثماني مدن صناعيَّة في ثماني محافظات، رغم قصر المدة وتبعات الجائحة.
وكأي عمل تأسيسي وجديد، تواجهه عادة تحديات، كما أن الحلول والتسهيلات ليست عصيَّة على إرادة حقيقيَّة صممت مستلزمات الخطوة الاولى من الأميال الألف، الموصلة لهيمنة المنتج الوطني وحمايته وصولا لتصديره بعد نوعيَّة وجودة متميزة كجواز مرور له إقليميا ودوليا. 
التحديات التي تخل بانسيابيَّة العمل هي ما بعد اصدار إجازة الاستثمار، كون الإجازة غير مصدّقة من الجهات القطاعيَّة، المتعددة التي ينبغي أخذ موافقتها قبل اصدار الإجازة وتحديد الموقع، لذلك تسير المعاملة بإجازتها متنقلة بين الكهرباء والنفط والآثار وغيرها، إذ من المفترض هذا واجب المحافظة كمستفيد، إذا لم تكن الإجازة الصادرة من الهيئة العامة للمدن الصناعيَّة قد حسمت الموافقات القطاعيَّة، حيث من المعلوم أنَّ الجهات القطاعيَّة لها روتينها في العمل الإداري ولها أسبابها الموضوعيَّة أو مجرد سوء أداء، وهذا أمر محتمل وطبيعي ضمن ظروفه المؤدية، وهذا أبرز التحديات كونه يأخذ وقتا له (ثمنه) عند المستثمر الشريك من القطاع الخاص .
أما التحدي الثاني وبعد تسليم الأرض وتحديدها وصدور الموافقات القطاعيَّة، هو مشكلة المتجاوزين على الأرض حيث لم يكن دور المحافظة حاسما ازاء التجاوز كأي تجاوز يحتاج لتعامل ذي طبيعة خاصة سواء في المدن الصناعيَّة أو غيرها لما له من حساسيات وتبعات، لذلك ينبغي على المحافظة حسم الأمر، فهذه الظاهرة تواجه الاستثمار عموما، هنا يكون القرار المركزي (فرض عين). 
أما التحدي الثالث هو الشريك الحكومي الرسمي، إذ يتوجب أن يكون حاضرا بكل ثقله، ويعدها معيارا لنجاحه وهذه طبيعة الشراكة، إذ كانت تجربة القطاع المختلط ناجحة بقوانينها وتقاليدها وحققت نجاحات يشيد بها القاصي والداني كأنموذج يحتذى بها، إذ بفضل الشريك الحكومي يتم حسم التحديات المذكورة، كما يكون حريصا جدا على حماية المنتج الوطني لا سيما باكورة الانتاج لحين وقوفه على قدميه وصولا للتصدير كهدف منشود تسويقا ومعيارا للجودة .
هذه أبرز التحديات المعرقلة، لحد ما، لها كلفها الماديَّة والمعنويَّة، التي تعد غير مشجعة للاستثمار ناهيك عن شراكة خلاقة بين جهات رسمية وقطاع خاص، سواء كان وطنيّا أو أجنبيّا، لذلك، ونتيجة تجربة لأكثر من سنتين، كان هذا هو الدرس الأول ليكون القانون جاهزا للدخول في التفاصيل الحاسمة لكل تبعات درس التأسيس.
ولعل الإطار الأساس لكل ماتقدم هو وضع جداول زمنية محددة موضوعيّا وعمليّا ومبدئيّا، من تاريخ منح الإجازة الى المباشرة بالانتاج بانسيابيّة عالية، وهذا لا يأتي من فراغ بعد تعاضد وتفاعل البحث العلمي والقانوني من قبل الجامعات ومراكز البحوث وخبراء هذه المرحلة أساتذة الدرس الأول من هيئة المدن الصناعيّة التي تبشِّر بالخير.
 نأمل أن تمضي الأيادي المعنية المباشرة وغير المباشرة لكي نفخر كغيرنا بأننا استطعنا استثمار أموالنا وعقولنا، وأننا ننهض بانتاجنا لا باستهلاكنا .