الطويرجاوي.. موهبة متفردة وعطاء زاخر

ثقافة شعبية 2022/07/20
...

 علي ناصر الكناني
قبل أكثر من خمسين عاماً وبالتحديد في عام 1970، رحل عنا إثر مرض عضال ألمّ به رائد من عمالقة الشعر الشعبي والغناء الريفي الأصيل وقراءة القصائد الحسينية.  عرف بامتلاكه قوة الأداء الصوتي في ترديد الموالات والأبوذيات ذات الأطوار الغنائية الصعبة التي تقترب كثيراً من المقام كالعياش والصبا والحجاز. 
 
ما أهله لأن يحتل مكان الصدارة بين العديد من أقرانه من مطربي تلك الفترة إبان العشرينيات من القرن الماضي.
ولد الشاعر والفنان الرائد عبد الامير كاظم حمادي المعروف بالطويرجاوي عام (1885) في مدينة طويريج (الهندية) التي تقع بين محافظتي كربلاء والحلة، حيث نشأ وترعرع منذ صباه في مجالس الأدب والمعرفة التي كان يحضرها عدد من الشعراء البارزين منهم رضا الخطيب والشيخ علي البازي، وتتلمذ على أيديهم وخلال تلك الفترة كان يتولى مهمة الأذان في أحد المساجد الموجودة في المدينة، فكانوا يسمونه كما يقول نجله المصور عبد الحسين الطويرجاوي بصاحب الصوت المجلجل (الحاد 
والعذب).
 ويضيف: وفي عام 1915 بدأ قراءة المواويل في بيوت (آل القزوين) في الهندية وبدأت شهرته تنتشر وذاع صيته بين الناس، ما دفع شركات الاسطوانات إلى استغلال موهبته المتفردة وامكانيته العالية في ابتكار الأطوار بتسجيل هذه المواويل والقصائد الشعرية على الاسطوانات وكان ذلك في عام 1921 مقابل مئة روبية للإسطوانة الواحدة ومن بين تلك الشركات، شركة (بيضافون وبيلفون وايدبو وشركة سودة الوطنية وهرمز الألمانية). 
ويروي لنا نجله عبد الحسين أيضاً موقفاً آخر مرّ بوالده حين التقته تلك المرأة العراقية التي شهدت لمواقفها الوطنية المشرفة تلك الأحداث المهمة التي جرت خلال ثورة العراق الكبرى عام 1920 أو هي شاعرة عرفت أيضاً بقوة صوتها، إذ يبين أن "فدعة أخبرت والدي قائلة له دعنا نتسابق، أنا أزغرد وأنت تقرأ الأبوذية بنفس واحد دون توقف، فإن غلبتني فسأمنحك هذه الأساور الذهبية وهذا البيت الذي امتلكه، وكان ذلك أمام جمع من أهلها وعشيرتها، وبعد أن بدأ الاثنان بالأداء، كان الفوز من نصيب والدي ولكنه اعتذر عن استلام 
الجائزة". 
ومن المواقف الخطيرة التي مرّت بشاعرنا وكادت أن تودي بحياته، أنه التقى في العام 1941 بعدد من الضباط الأحرار المشاركين في ثورة مايس الوطنية وطلبوا منه أن ينظم الأشعار الحماسية والوطنية ويغنيها بصوته ليؤجج حماس الجماهير ويلهب مشاعرهم الوطنية ضد الاستعمار البريطاني. 
ولكن بعد فشل الثورة حكم عليه غيابياً بالاعدام. فلجأ إلى مدينته طويريج ليتوارى فيها عن الأنظار ولكن بعد توسط إحدى الشخصيات المعروفة آنذاك، تم اعفاؤه من هذه العقوبة، ما دفعه فيما بعد إلى الاتجاه إلى قراءة المواليد والقصائد الحسينية في المناسبات الدينية العامة
والخاصة.