اللهجة ومشكلاتها

ثقافة شعبية 2023/01/12
...

كاظم غيلان 

لعل من أبرز ما يواجه الشاعر إتقانه الفني الذي يعينه في استخدام الوسيلة التي توصله لمنطقة المعنى التي هي المتلقي - الآخر.

الأمر هذا يهم شعر العامية أكثر من غيره بوصفه لهجة على العكس من الفصحى بوصفها لغة لها قواميسها ومعاجمها، كلاهما يتعرضان لانسلاخات ومتغيرات تتصل بحركة المجتمع وما يطرأ عليه، لكن نسبة شعر العامية تفوق بكثير، حتى إن العديد من مفردات اللهجة - عراقياً- وصلتنا عبر احتلالات جيوش أجنبية، كان لتأثير جنودها بحركة مجتمعنا دور في انتشارها واستمرار تلاقفها 

جيلياً .

ثمة مفردات تداولناها في طفولتنا وصبانا لكنها اندثرت اليوم، وبعض قصائد الأجيال الشعرية الأولى لم تعد مفهومة لجيل اليوم كتلك التي قالتها (فدعة)  من مفردات كـ (سور املكس، لجليج مايطي طريج، تشويط، منكار كطكيط..

الخ).

"للريل وحمد" كتبها النواب في منتصف خمسينيات القرن الماضي، وكان لوقعها وما حملته من وعي شعري جديد لم تألفه القصيدة العامية ما أعانها لأن تستمر بحضورها الباهر ليومنا هذا، والقصيدة غنيت بأصوات بارزة عديدة ووقع تحت تأثيرها شعراء كثر لعل في مقدمتهم زامل سعيد فتاح حين كتب(المكير) التي غنيت عند السبعينيات، لنقف عند واحدة من جملها:

"ولك ياريل لا تجعر" ولنلاحظ كيف أخفق في تأثره إذا ما عرفنا أن النواب قال في قصيدته تلك:

ياريل، صيح بقهر،

صيحة عشك يا ريل

وهذا هو الشاسع في الفرق بين الاستخدامين وأعني وعي الشاعر وحذره، وطبيعة تمكنه من أن يصل  لأبعد بقعة لأقصى متلقٍ.

هذا لا يعني انتقاصاً من تجربة زامل الذي- ولحسن حظه - وقع تحت تأثير شاعر كالنواب، والتأثر بالتجارب الشعرية الكبيرة من المألوفات جداً في الشعر العربي 

والعالمي .

كل ما تقدم يؤكد لي دقة ما قاله شاعر أميركا الكبير (اودن) حين رأى بـ (أن الشاعر هو الأب الذي ينزل القصيدة، واللغة هي التي تحبل بها).