غرابة الأمثال الشعبيَّة العراقيَّة

ثقافة شعبية 2023/01/19
...

 كاظم الحسن                                                                                 

تزخر الأمثال الشعبية العراقية، بالكثير من الغرابة والتناقض وعدم الاتساق، حتى تبدو وكأنها كتبت في بيئتين مختلفتين، ليس بينهما رابط وحين ندقق ونمحص، يظهر الكثير من انعدام الاتزان والتوافق مع الحال الذي ولدت فيه ولكي نكون قريبين من الصورة.

نقدم هذا النموذج "اصرف ما في الجيب وانتظر ما في الغيب"، "القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود" لا يمكن فهم هذا التناقض، إلا إذا اتفقنا على أن المثل الأول هو عراقي والثاني مصري وبهذا نفك هذا الاشتباك بينهما، على اعتبار أنهما من بيئتين مختلفتين، هذا قد يخفف من عدم تطابقهما. مثال آخر "البس ما يعجب الناس وأكل ما يعجبك" وهذا تدخل سافر في في الحياة الشخصية، لا مثيل له في الأمثال العالمية. وهل يحتاج الإنسان إلى موافقة الناس في خياراته الشخصية، مثل الطعام والملابس. ويصل الأمر إلى استخدام بعض من مقاطع الشعر، أمثال "لا تشتري العبد الا والعصا معه"، هل يوجد هكذا بيت من الشعر والعنصرية تفوح منه وهو بالضد من حقوق الإنسان ويشجع على التفرقة ويقسم الناس إلى درجات عليا ودنيا وهو من إرث العبودية، التي عفا عليها الزمن وهي تقدح بالإنسانية بأبشع صورة، ممكن حدوثها؟ يفترض بالأمثال أن تداوي جراح الإنسان وتحثه على الحرية والثورة على الواقع وليس الرضوخ والخنوع له، بشكل مفجع ومؤلم وهذ ما يفقدها جودتها وقيمتها على مواكبة العصر؟ ومن الأمثال الغريبة التي تدعو إلى الخنوع والعبودية، بشكل مذل ومهين وتحط من القيمة البشرية ولا يمكن القبول بها "الي ياخذ امي يصير عمي" واضح أن هذا المثل، يشجع على القبول بالأمر الواقع وعلى الطريقة ذاتها، يقابله مثل آخر يتطابق معه "اليد التي لا تستطيع أن تلويها بوسها" اختلفت الكلمات والنتيجة واحدة وهي القبول بالظلم وتمجيده ولو اخذ بهذه الأمثال، لما استطاعت البشرية الوصول إلى الحرية والتقاط ثمارها، بل غن الاستبداد وفقاً لهذه الامثال، سوف يكرس لأمد بعيد، لا يمكن التحرر منه وهذا ما يحاول الغرب الصاقه بنا، عبر المقولة الغربية الشهيرة "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا"، من هذه الأمثال يمكن أن نفهم كيفية تفكير الغرب في قناعته، عن استحالة تعايش الشرق مع الديمقراطية والحرية وهكذ أمثال ترسخ النظرة الدونية عنا ومنها ليس بالإمكان أحسن مما كان. ربما أن هذه الأمثال قيلت في عهود غابرة، لها ظروفها القاهرة والتي لم تعد تصلح للواقع الذي نعيشه.