دراسة: البطانيات المثقّلة ترفع مستويات هورمون النوم

بانوراما 2023/03/04
...

 ميري كيم 

 ترجمة واعداد: أنيس الصفار                                        


ازدادت في السنوات القليلة الماضية شعبية ما يسمى «البطانيات المثقّلة» بعد أن كثرت الإشادة بفوائدها الجمة من قبل مستخدميها وصانعيها معاً، ومن بين تلك الفوائد المساعدة على الاستغراق في نوم مريح وتخفيف القلق. ثمة دراسة حديثة تشير الى آلية محتملة يمكن أن تفسر السبب، الذي يجعل هذه البطانيات تساعد بعض الناس على النوم بصورة افضل.


تكشف الدراسة أن استخدام البطانية المثقّلة يمكن أن يتسبب بزيادة افراز الميلاتونين، وهو هورمون يحفّز على النوم ينتجه الدماغ. يعمل الميلاتونين على خفض مستوى اليقظة عند الانسان ويجعل النوم أكثر جاذبية. خلال النهار يدخل الضوء العينين فيرسل إشارة إلى «الساعة البايولوجية المتحكمة» – وهي منطقة من الدماغ تسمى «نوية التأقلم» – فتقوم بحجب انتاج الميلاتونين من قبل عضو في الدماغ بحجم حبة البازلاء يدعى الغدة الصنوبرية. وعندما تغيب الشمس ترخي نوية التأقلم هذه قبضتها عن الغدة الصنوبرية، وتسمح للميلاتونين بتهيئة الجسم للنوم، عندئذ تنخفض درجة حرارته ويحل عليه النعاس.

يقول مؤلف الدراسة «كرستيان بيندكت» وهو استاذ مساعد في علم العقاقير من جامعة «آبسالا» في السويد: «أصادف العديد من أطباء الاطفال والمعالجين المهنيين الذين يحدثونني عن الاثار السحرية للبطانية المثقّلة، لكننا لا نعلم إن كان هذا التأثير حقيقياً بالفعل أم أنه مجرد تأثير ايحائي فقط، وهذا هو أحد الاسباب التي جعلتني أقرر إجراء هذه الدراسة».

في هذه الدراسة اخذت عينة مكونة من 26 شاباً وشابة لا يعانون من مشكلات في النوم او اية حالات صحية اخرى وطلب منهم أن يناموا في المختبر للمتابعة المباشرة، ملتحفين بطانية مثقّلة لليلة ثم بطانية خفيفة في الليلة التي تليها، ولم يكن أيٌّ من المشاركين قد استخدم بطانية مثقّلة من قبل. شكّلت البطانية المثقّلة نسبة 12,2 بالمئة من وزن الجسم لكل فرد من افراد العينة بينما شكلت البطانية الخفيفة نسبة 2,4 بالمئة.

اخذ الباحثون عينات من اللعاب كل 20 دقيقة ما بين الساعة 10 و11 مساء لقياس التغيرات في مستويات الهورمون، وقد ظهر أن الميلاتونين قد ارتفع بنسبة 32 بالمئة في المتوسط خلال الليالي، التي نام فيها المشاركون تحت بطانيات مثقّلة.

يقول بيندكت: «المؤثرات الحسية، ومن بينها تسليط ضغط لطيف على الجلد، يمكن أن تنشط مواقعاً في الدماغ تتسبب باطلاق الميلاتونين. «

البطانيات المثقّلة هي بطانيات تدمج في نسيجها اشياء ذات وزن، مثل السلاسل المعدنية او الخرز الزجاجية، حيث تخاط فيها الى جانب حشوها التقليدي، لكي تسلط ضغطاً متجانساً وعميقاً على الجسم. فمنذ أعوام التسعينات اكتشف المعالجون المهنيون أن للسترات والبطانيات المثقّلة تأثيرا مهدئًا على الأطفال والمراهقين، الذين يعانون من اضطرابات في النمو او الحواس، بيد أنها استخدمت في ما بعد ضمن لوازم المصحات العقلية كبديل اكثر انسانية للتقييد او العزل، وهما اجراءان يعرف عنهما التسبب بأذى جسدي ونفسي للمرضى.

تحفيز الضغط

يمتد عهد مفهوم التحفيز عن طريق الضغط العميق الى زمن ابعد من ذلك، حيث استطلعت امكانياته بشكل خاص خلال اعوام الثمانينات من قبل العالمة الأميركية «تمبل غراندن»، التي كانت تعاني هي نفسها من مرض التوحد، لذا صممت آلة اسمتها «آلة العناق» كوسيلة لتخفيف شعورها بالقلق، وكان عمل الآلة هو ضمها والضغط عليها بلطف بين الواح مبطنة. من الأمثلة الاخرى قماط للأطفال وسترة القلق للكلاب كي تخفف عنهم القلق، وتعمل الاثنتان بطريقة  تشبه عملية الضم والاحتضان لبعث الشعور بالاطمئنان والهدوء. فالضغط اللطيف على مساحات كبيرة من الجسم ينشط الجهاز العصبي اللاإرادي، وهو الذي ينظم معدل ضربات القلب والهضم ومعدل سرعة التنفس وغير ذلك من الوظائف. 

تشير الأبحاث إلى أن تحفيز الضغط العميق الذي تحدثه البطانيات المثقّلة بشكل خاص قد يحسن من نوعية النوم. ففي العام 2020 اجرى «هاكان أولاوسون» ، وهو عالم أعصاب من جامعة «لنكوبنغ» في السويد، وزملاؤه تجربة تحت السيطرة على 120 مريضاً مصابين باضطرابات نفسية، حيث اعطوهم بطانيات مثقّلة استخدموها في كل ليلة على مدى اسبوعين. أفاد المرضى بأن أرقهم خفّت شدته كما قلّ شعورهم بالتعب اثناء النهار وتحسن نومهم ليلاً عند استخدامهم البطانيات المثقّلة مقارنة بالبطانيات الخفيفة.

في العام 2015 اختبرت دراسة تأثير البطانيات المثقلة على 33 شخصاً يعانون من الأرق المزمن فأفاد هؤلاء بأنهم نعموا بقسط من النوم اطول ووجدوا أن الاستقرار غدا اسهل كما كانوا اكثر انتعاشاً ونشاطاً في الصباح. كذلك اظهرت دراسة ثانية أجريت على طفلين مصابين باضطرابات طيف التوحد أن نوعية نومهما قد تحسنت باستخدام البطانيات المثقّلة.

تقول «كارا كوشنسكي»، التي تعمل معالجة مهنية والمشاركة في تأليف كتاب: «المرشد في البطانيات المثقلة»: «لقد ازداد استعمال البطانيات المثقّلة بشكل هائل على مدى السنوات القليلة الماضية، لكن معظم الدراسات قد اعتمدت عينات محدودة الحجم.» اما عن الدراسة الأخيرة فتقول اننا لا يمكننا التسرع باستنتاجات كبيرة، ولكن الزيادة التي لوحظت في افراز الميلاتونين برأيها تغطي جزءاً آخر مكملاً للصورة.

يعطي مستخدمو البطانيات المثقّلة اراء متفاوتة بخصوص تأثيرها على طبيعة نومهم، ولكنهم يكادون يجمعون أن النتائج ايجابية. تقول كوشنسكي أن أولئك المصابين بمرض التوحد أو القلق او من يعانون الأم التهاب المفاصل المزمن او اضطراب نقص الانتباه المصحوب بفرط الحركة هم ايضاً يستفيدون من البطانيات المثقّلة الى جانب الذين يشكون من اضطراب النوم. تضيف كوشنسكي ان هذه البطانيات تكون مؤثرة جداً في حالة بعض الناس ولكنها غير مؤثرة للبعض الاخر. 

القاعدة العامة هي اختيار بطانية يقل وزنها عن 10 بالمئة من وزن جسم الشخص، كما يجب الامتناع عن استخدامها في حالة الاشخاص الذين لا يستطيعون ازاحتها عنهم بأنفسهم، كالاطفال الرضع.


عن صحيفة «واشنطن بوست»