أطباء سودانيون يلجؤون إلى {واتساب}

بانوراما 2023/05/20
...

  فيرونيكا سترزيزينسكا

  ترجمة: ليندا أدور

مع مكافحة المستشفيات للتمكن من استمرارها بتقديم الخدمات لإنقاذ الأشخاص والمصابين جراء الصراع الدائر، لجأ المسعفون والعاملون ضمن المجال الطبي في السودان الى «خطوط المساعدة الهاتفية» عبر مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي للوصول الى من هم بحاجة لذلك.

فقد وجد الأطباء السودانيون ضالتهم بمواقع المراسلة للتواصل مع المرضى، تحت ظل معاناة المستشفيات والمرافق الصحية في البلاد من أجل مواصلة العمل ومنع إغلاقها بسبب أعمال العنف، اذ عمل متطوعون لإنشاء خطوط هاتفية للمساعدة تعمل على مدار الساعة عبر تطبيقات المراسلة يشترك بها المئات من الأطباء والمختصين. 

وضع مزر

وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن 16 بالمئة فقط من مستشفيات العاصمة السودانية، الخرطوم، تعمل بكامل طاقتها، بينما أفادت تقارير عن منظمة أطباء بلا حدود، بتعرض مشفى يقع غربي دارفور للنهب، في الوقت الذي أبلغ فيه أطباء عن تلقيهم تهديدات بالقتل، كما أُعلن عن احتجاز متطوعين كانوا يعملون على إعادة افتتاح مستشفى بمنطقة الخرطوم بحري لعدة أيام. 

يقول الدكتور خالد الشيخ احمدانا، المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في السودان، بأن: «أعداد ضحايا اللاعنف- المرضى الذين لا يستطيعون الوصول الى المرافق الصحية أو الرعاية الطبية الجيدة أو الحصول على الدواء- آخذ في الازدياد»، مضيفا «الوضع مزرٍ لأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة وحديثي الولادة، والأمر أصعب بكثير لمن لديهم فشل كلوي وبحاجة مستمرة لعمليات غسل الكلى، ولمرضى القلب والسرطان والهيموفيليا وكذلك،  لمن هم بحاجة الى رعاية كالأمراض النسائية والتوليد»، لذا يجهد المسعفون والقابلات أنفسهم  للوصول الى المرضى عبر تطبيق «واتساب»، يقول احمدانا: «نحاول تأمين تواصل بين النساء الحوامل والقابلات المأذونات في مناطقهن ليتمكنوا من الولادة في المنزل»، مضيفا «لكن تبقى مسألة توفر الامدادات الطبية لإجراء عملية ولادة آمنة ونظيفة موضع شك»، اذ تشير بيانات الأمم المتحدة الى أنه، حتى قبيل إندلاع الصراع، كان معدل وفيات الأمهات هو 295 حالة لكل مئة ألف ولادة حية.  


استجابة سريعة 

كانت للأطباء داخل السودان أو خارجها استجابة سريعة للأزمة، من خلال توفير خطوط مساعدة مجانية على مدار الساعة متاحة لمن بحاجة الى مشورة صحية، ففي غضون يومين من بدء النزاع، افتتحت جمعية الأطباء السودانيين في قطر، خطا ساخنا ضم 136 طبيبا يمثلون أكثر من 36 تخصصا ساهم بتقديم المشورة لمئات الأشخاص، كما تأمل الجمعية بفتح خط ساخن آخر يختص بالصحة العقلية، يدار من قبل علماء وأطباء نفسيين. 

يقول عمير زين، طبيب نفسي سوداني يقيم في الدوحة، «نتلقى اتصالات من الناس  حول مختلف المشكلات الصحية، بدءا من الأمراض الجلدية وحتى النسائية، بداية، يتم استقبال الاتصال والتحدث الى طبيب يقوم بعملية الفرز، التي تجري بالتناوب بين الأطباء، من ثم تتم احالتهم الى الطبيب المختص»، مضيفا «أحيانا يكون المريض بحاجة للذهاب الى المستشفى، فنقوم بتوجيهه إلى أقرب مشفى مفتوح ولا يزال يعمل، مستندين بذلك إلى التحديثات التي تردنا من الجمعية، والتي كثيرا ما تشهد تغييرات سريعة». 


اضطراب ما بعد الصدمة

يعد نقص الأدوية أو المعلومات حول الصيدليات المفتوحة تحديا كبيرا آخر، يقول زين: «كثير ممن يعانون من حالات صحية عقلية يتواصلون معنا لمعرفة إن كان عليهم زيادة الجرعات المحددة لهم أو تغييرها»، مضيفا «نتوقع الأسوأ بالنسبة للصحة العقلية، اذ من الممكن أن تزداد حالات الاكتئاب والقلق والوسواس القهري سوءا، حتى مع ضغوطات الحياة العادية»، مشيرا الى أن العديد من الأشخاص سيصابون باضطراب ما بعد الصدمة، لكن نأمل بأن الكثير منهم سيتعافى بعد فترة». 

«تلقيت مكالمة من طبيبة زميلة في السودان، تعمل على علاج المصابين جراء العنف الدائر، ومن بينهم جارها، التي جاهدت لإنقاذ حياته لكنه توفي»، يقول زين مستذكرا ويضيف «سألتني، إن كانت ستعاني هي من اضطراب ما بعد الصدمة؟، فأجبتها أن حالات كهذه كثيرة جدا، تجعلنا نشعر بالعجز ولا يمكننا فعل شيء، وكل ما علينا هو أن نحاول تقديم أفضل ما لدينا».


*صحيفة الغارديان البريطانية