تدمير سد نوفا كاخوفكا يهدد أحد أكبر انتصارات بوتين

بانوراما 2023/06/15
...

ديفيد برينان

 ترجمة: بهاء سلمان

من المحتمل أن يعرّض تدمير سد نوفا كاخوفكا في جنوب أوكرانيا إمدادات المياه العذبة لشبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا للخطر، وهي عنصر رئيس في سيطرة موسكو على شبه الجزيرة، والتي كانت من أولويات الرئيس فلاديمير بوتين في الأيام الأولى للغزو في شباط 2022.
يمتد السد على نهر دنيبر الذي يشكل حاليا جزءا من خط المواجهة بين القوات الأوكرانية على ضفته الغربية والقوات الروسية في الشرق. 

ويعد كل من سد نوفا كاخوفكا، وخزان كاخوفكا المرتبط به، ومحطة زابورجيا للطاقة النووية (ZNPP) مواقع حساسة تسيطر عليها روسيا على طول حدود النهر، والتي وصفت بأنها موقع محتمل للهجوم المضاد المخطط له في الربيع والصيف من قبل كييف.

وكان سد نوفا كاخوفكا قد انهار في الساعات الأولى لصباح السادس من حزيران الحالي، بعد عدة أشهر من مشاكل تتعلّق بالصيانة. 

وألقت كييف باللوم على روسيا، مع اتّهام قواتها سابقا بتلغيم المبنى كتمهيد لتدميره. ومن جانبها، إتّهمت السلطات الموالية لموسكو، والمسيطرة على المنطقة، القوات الأوكرانية بشن هجمات متعددة على السد، لكنها لم تقل في البداية إنه إنهار 

بالكامل، ونفى الكرملين أي توّرط له.


تغيّر المعطيات 

تفرض حالة إنهيار السد مشكلات لكلا الطرفين؛ وقد صدرت أوامر لمئات الآلاف من الأشخاص بالإخلاء مع تدفق مياه الفيضانات عبر مناطق جريان النهر، كما تتعرّض المواقع العسكرية على كلا الضفتين للغرق، وكذلك طرق الإمداد الحيوية.

ويقول "أندريه زاغورودنيوك"، وزير الدفاع الأوكراني السابق الذي يعمل الآن كمستشار لوزارة الدفاع في البلاد، إن أي هجوم أوكراني محتمل عبر نهر دنيبر أصبح الآن "مستحيلا" من الناحية الفعلية. 

أما الجانب الروسي من النهر، فهناك خطر على محطة الطاقة النووية، حيث يعتمد نظام التبريد على خزان كاخوفكا، الذي ينخفض مستوى المياه فيه الآن بسرعة. وقد يؤدي الإنهيار إلى حدوث كارثة نووية تنتشر عبر أوكرانيا وروسيا ومعظم أنحاء أوروبا.

من جانبه، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية "رافايل غروسي" إنه "لا يوجد خطر مباشر" على سلامة المحطة، لكنه شدد على أن "الغياب المطوّل لمياه التبريد" المتاحة يمكن أن يشكل خطرا. الخزان الذي يتم إفراغه يعني أيضا مشكلة لقناة شمال القرم، التي تمتد 250 ميلا إلى الجنوب والشرق لتزويد شبه جزيرة القرم بالمياه العذبة.

وكانت تصريحات "فلاديمير ليونيف"، رئيس سلطة منطقة خيرسون الموالية للكرملين، قد أثارت ناقوس الخطر بشأن القناة، حيث نقلت إحدى القنوات الروسية قوله: "التهديد الوحيد هو أننا سنواجه مشكلات في إمداد شبه جزيرة القرم بالمياه." وأشارت وكالة أنباء تاس الحكومية إلى أن سلطة القرم قد قالت في بيان لها أنه "لا يوجد تهديد بفقدان قناة شمال القرم للمياه." ومع ذلك، قال رئيس سلطة القرم "سيرجي أكسيونوف" إن هناك خطرا من انخفاض منسوب المياه في القناة، على الرغم من أن خزانات شبه الجزيرة بها حاليا كميات كافية من المياه.


مشكلة قديمة

كانت القناة مشكلة بالنسبة لموسكو منذ أن استولى "رجالها الخضر الصغار" على شبه جزيرة القرم في عام 2014، حيث لا تزال موجات الصدمة من التاييد الغربي يتردد صداها في جميع أنحاء البلاد والمنطقة الأوسع. قبل ذلك، كانت القناة توفر نحو 85 بالمئة من مياه شبه جزيرة القرم، وكان معظمها يستخدم للزراعة، كما يجري استخدام الباقي للصناعة والاستهلاك العام.

وفرضت القوات الروسية سيطرتها على القناة منذ اليوم الأول من الغزو، وحققت المجموعة الهجومية التي اتجّهت شمالا من شبه جزيرة القرم نجاحا أكبر من نظيراتها في شمال وشرق البلاد. وبعد أيام، نسفت القوات الروسية السد الذي 

أقيم بعد ضم شبه جزيرة القرم.

وقالت "آنا أوليننكو"، المؤرخة الزراعية من أكاديمية خورتيتسيا في زابورجيا، أوكرانيا، للصحافة الصيف الماضي أن العودة السريعة للمياه إلى شبه جزيرة القرم "تظهر لنا أهمية هذه القضية،" مضيفة: "لقد وعد بوتين والحكومة الروسية شعب القرم بأنّهم سيحلّون مشكلة المياه في شبه جزيرة 

القرم."

كان اغلاق القناة ووقف امدادات المياه في شبه جزيرة القرم "أحد الأشياء القليلة المتاحة لديهم والتي يمكنهم تنفيذها بالفعل،" كما يقول "جيمس روجرز"، المؤسس المشارك لمجلس يونايتد كنغدو لمركز الأبحاث، واصفا ما دار بعد رد الإدارة الأوكرانية، التي ثبت أن قواتها لم تتمكّن من منع ضم الكرملين السريع للقرم. 

وبعد مرور أكثر من عام على إعادة فتح القناة، لم يتمكّن الكرملين من تأمينها. "هذا مؤشر على أن الروس لم يستولوا على أي أراض أخرى وأن الصراع يبدو وكأنه توقف نوعا ما،" بحسب روجرز، مضيفا أن الكرملين يوجه أولويته حاليا صوب شبه جزيرة القرم، ويشير مؤكدا: "لا اعتقد أنهم يهتمون بذلك الآن، فكل ما يفكرون فيه هو عدم خسارة الحرب."


مجلة نيوزويك الاميركية