مرحلة ما بعد بايدن

قضايا عربية ودولية 2024/07/28
...

علي حسن الفواز

خرج السباق الرئاسي الأميركي عن قواعده التقليديَّة إلى ما يُشبه التحدّي، وبات أمام حسابات مفتوحة، يشتبك فيها السياسي والشخصي، وربما سيدفع إلى صعود موجة جديدة من الشعبويَّة بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي.
انسحاب الرئيس الحالي جو بايدن من المنافسة، أخلَّ بقواعد اللعبة، وأعطى فرصة للمرشّح الجمهوري الرئاسي ليكون أكثر حظوة بالفوز، وهذا ما جعل الحزب الديمقراطي الأميركي يستشعر خطورة هذا الموقف، فعمد إلى وضع هذا "الخروج" في سياق استعراضي، حتى بدا وكأنه محاولة لتعديل السياسة، وصياغة مرحلة جديدة تقوم على تجديد دماء الرئاسة، وخلق جو تنافسي أكثر عقلانيَّة، لكنَّ إصرار الرئيس بايدن على ترشيح نائبته "كامالا ديفي هاريس" دون وجود موافقة نهائيَّة من الحزب، سيجعل الأمور صعبة، تُعيد إلى الأذهان صور ترشيح الرئيس الأسبق "أوباما" كأنموذج لأميركا "الديمقراطيَّة" فرغم أنَّ النائبة "كامالا" لا تُشبه الرئيس أوباما، إلّا أنَّ وضعها في السباق التنافسي، يعني الدخول في مراهنات سياسيَّة، والعمل جذب "الهامش الاجتماعي" الأميركي إلى الاصطفاف خلف الديمقراطيين، فهي من أصول جامايكيَّة، عملت أيضاً في المحاماة، ووصلت إلى منصب المدّعي العام في ولاية كاليفورنيا. وبقدر ما أنها ستكون ضعيفة في الأداء التنافسي لقلة خبرتها السياسيَّة، إلّا أنَّ وجودها سيُثير أسئلة جديدة، وسيضع الشارع الأميركي أمام معطيات ساخنة، على المستوى الهوياتي، وعلى المستوى السياسي، وكذلك على المستوى الاقتصادي، والمستوى الأمني، لاسيما في التعاطي مع الملفات المعقدة، كملفِّ الصراع التجاري مع الصين، وملفِّ الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وملفِّ الشرق الأوسط والعدوان الصهيوني على غزَّة.
تهيئة الأجواء لفوز المرشح الجمهوري ترامب، ستكون باعثة على إثارة مشاعر الغضب في الشارع الأميركي، وربما ستجعل صنّاع القرار أمام ذاكرة لما جرى في أروقة مجلس النواب الأميركي، وللطابع الشعبوي الذي عبَّر عنه الجمهور المؤيِّد لترامب، وهذا ما سيُثير جدلاً بشأن المواصفات الديمقراطيَّة للمرشّح المقبل، وما أهليته لأن يكون منافساً قوياً وذا كاريزما رئاسيَّة للانتخابات؟.
الخلاف بشأن المرشّح المقبل قد يكون سبباً في إحداث شرخ داخل الحزب الديمقراطي، وفي حسابات الوصول إلى الكرسي الرئاسي، وفي مواجهة المرشّح ترامب، الشعبوي، وصاحب القاموس المفتوح من الشتائم الرئاسيَّة، وقد يكون الأمر- من جانب آخر- رهاناً على مفاجآت يمكن أن يجعلها الديمقراطيون مدخلاً للحديث عن تغيير حقيقي في مسار الانتخابات الأميركيَّة.