الحصبة أكثر الأمراض المعديّة .. تعود مجدداً

من القضاء 2019/06/15
...

روان رضوان
ترجمة: شيماء ميران
يعود مرض الحصبة الذي يعد من اكثر الامراض المعدية التي عرفها الانسان الى الانتشار مرة اخرى، على الرغم من جهود وكالات الصحة التي اعتقدت منذ عقد مضى انها اقتربت من القضاء عليه.
المرض الذي يمكن الوقاية منه بسهولة بأخذ جرعة واحدة من اللقاح الثلاثي ضد امراض الحصبة والحصبة الالمانية والنكاف، يعاود التفشي وبشكل مرتفع جدا خلال السنتين الماضيتين، والأطفال هم من يحملون العبء الاكبر لهذا المرض الذي غالبا ما تكون نتائجه مميتة.
إن اشتداد حالات الحصبة يزيد من قلق خبراء الصحة الذين يقولون ان الثغرات الموجودة بعملية التطعيم قد لعبت دورها، كما حذروا بضرورة القيام بجهود عاجلة لتوسيع تغطية مساحة التطعيم وإلا ستكون النتائج مدمرة.
وتستهدف خطة عمل منظمة الصحة العالمية القضاء على الحصبة والحصبة الالمانية بحلول عام 2020 في خمسة اقاليم ومنها الشرق الاوسط.
وتضم الستراتيجيات الصحية العامة الرئيسة للمنظمة لتقليل عدد الوفيات بسبب الحصبة، عملية تطعيم روتيني للأطفال ضد الحصبة مصحوبة بحملات تطعيم واسعة في البلدان التي تكون فيها تغطية التلقيح الروتيني قليلة.
وتنتقل الحصبة بالتماس المباشر مع قطرات الماء الملوثة او عن طريق انتشاره في الهواء، هذا المرض تسبب بمقتل الملايين عبر التاريخ قبل ان يتم اكتشاف اللقاح الثلاثي في ستينيات القرن الماضي.
 
قلق العوائل
وعلى الرغم من جهود منظمة الصحة العالمية والوكالات الصحية الاخرى، الا ان هناك تناميا عالميا للمرض بسبب الثغرات الموجودة في المساحة التي يغطيها التطعيم.
ويقع اللوم على عودة تفشيه ايضا الى تزايد المعارضة حول العالم ضد استخدام اللقاحات. لكن التلقيح في السعودية ضد الحصبة إلزاميا، إذ لا يسمح لاي طفل بالدخول الى نظام التعليم من غير دليل بطاقات التلقيح المختومة.
ومع ذلك فان القلق يحاصر بعض الاباء والأمهات بسبب المخاوف المنتشرة من استخدام اللقاحات، التي نشأت عن دراسة نشرت في صحيفة لانسيت الطبية اجريت في العام 1998 وادعت إثباتها وجود صلة بين اللقاح الثلاثي وداء التوحد إلا انها فقدت مصداقيتها الآن.
تقول الاستاذ المساعد في الصحة العامة بجامعة علوم الصحة السعودية الدكتورة هيا زيدان “هناك مجموعة متنامية من الاباء والامهات ومقدميّ الرعاية الذين يتعمدون التجاهل او ينكرون الفوائد المتوخاة لعملية تطعيم الاطفال ويرفضون بأنانية جميع التهديدات المحتملة للصحة العامة”.
وكانت صحيفة عرب نيوز قد طلبت من عدد من معارضي التطعيم في المجتمع التعليمي السعودي التعليق على الامر، إلا انهم  رفضوا.
تقول الدكتورة هيا “ ربما تكون هذه المجموعة جيدة التعليم ايضا وذات مستوى اقتصادي واجتماعي جيد، واعتقد مفتاح الحل ربما يكون بإتخاذ السلطات موقفا إستباقيا واضحا، باستخدام ادلة قوية لتفنيد الادعاءات التي يروجها معارضو التطعيم”، مضيفة “ويمكن لتعزيز حملات التوعية ووسائل التواصل الاجتماعي من اجل صحة المجتمع فائدة في تبديد انعدام الثقة  المتزايدة من اللقاح”.
 
تكلفة التطعيم
ان مخاطر تجنب التطعيم تم توضيحها مؤخرا في مدينة نيويورك، عندما اعلن عمدتها بيل دي بلاسيو عن حالة طوارئ الصحة العامة لمكافحة تفشي الحصبة وأمر بتلقيح مواطني بروكلين. يقول بيل “لدينا الآن وضع يتعرض الاطفال فيه للخطر وينبغي علينا اخذ هذا الامر بجدية”.
وتؤكد الدكتورة هيا بأنه من اسباب عودة المرض القلق الاعلامي من تفاعلات اللقاح النادرة، كما حذرت من تفشي نظريات التآمر والأخبار والمواضيع المزيفة عن اللقاحات على الانترنت. وتقول “السبب الاخر هو ارتفاع تكلفة اللقاحات في القطاع الخاص، فلا يمكن للكثيرين دفع ثمنها مما يسبب تأخيراً غير ضروري للقاحات”. وبحسب منظمة اليونسيف فان حالات الحصبة ارتفعت بما يقرب من خمسين بالمئة عن عامي 2017 و2018، وسُجلت في العام الماضي 300  الف اصابة و136 الف حالة وفاة. 
 
التطعيم المجاني
وقد أُعلن عن التخلص من مرض الحصبة في اميركا في العام 2000 بعد الخضوع لبرنامج تطعيم واسع النطاق. وبحسب مركز السيطرة والوقاية من الامراض ومقره اميركا ان انخفاض عدد الحالات كان ثابتا الى ان ارتفع فجأة عام 2014 وارتفع اكثر عام 2018.
وبالرغم من عدم تسجيل حالات في السعودية في النصف الاول من 2018، إلا انه في اوروبا سُجلت اكثر من 41 الف اصابة و37 حالة وفاة. ومنذ اذار من العام الحالي تم تسجيل 30.500 الف اصابة ووفاة 11 في أوكرانيا، وفي الفيلبين  21.396 الف اصابة و315   حالة وفاة، اما في البرازيل 10.334 الف اصابة ووفاة 12 شخصاً.
وتقول استشاري مكافحة الامراض المعدية الدكتورة نبيلة العبدالله “ اذا تمكنا من الترويج سنتمكن من الوقاية، ويمكن ان يكون تفشي الحصبة بسبب نقص المعلومات حول لقاح الحصبة. ونشرت الدكتورة موضوعا في جدة عن سكان بورما، وبلغ عدد الاشخاص غير الملقحين 500 في14 حيا سكنيا، وكان هذا الرقم صاعقا، ويمكن للعدوى ان تنتقل بسهولة لتماسك وتقارب مجتمعاتهم، وعذرهم بعدم التطعيم سوء الفهم وثمن اللقاح الباهض لكون اجور عملهم منخفضة، وبعد التقرير الذي نشرته اعلنت وزارة الصحة السعودية ان جميع اللقاحات مجانية في جميع المؤسسات الصحية”.
 
عن موقع عرب نيوز