إليزابيث باريت براوننج: كَيفَ لي أن أحبك؟

ثقافة 2024/07/31
...

  ترجمة: مريم ضياء سالم

بدأت إليزابيث باريت براوننج (1806-1861) التي تعد من أبرز شاعرات العصر الفيكتوري بكتابة الشعر منذ سن مبكرة، ونشرت أول مجموعة شعريَّة لها عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها. 

اشتهرت إليزابيث باريت براوننج التي تعتبر واحدة من أبرز شاعرات الأدب الإنجليزي، وقد أثرت أعمالها في الكثير من الأدباء والشعراء الذين جاؤوا بعدها بقصائد الشعر الرومانسيّة، وتلك التي تعبر عن قضايا اجتماعية وسياسية، مثل العبودية وحقوق المرأة. 

وُلدت إليزابيث في مقاطعة دورهام بإنجلترا، ونشأت في أسرة ميسورة الحال، كان والدها مالكًا لمزارع السكر في جامايكا. وتلقت تعليمها في المنزل، حيث أظهرت ذكاءً استثنائيًا واهتمامًا كبيرًا بالأدب واللغات. في سن المراهقة، أصيبت بمرض خطير، ربما كان نوعًا من التهاب النخاع الشوكي، مما أدى إلى معاناتها من آلام مزمنة طوال حياتها. ولكن رغم المرض، استمرت في الكتابة والنشر، وأصبحت واحدة من أبرز الشاعرات في إنجلترا أنذاك. 

في عام 1845، بدأت مراسلاتها مع الشاعر روبرت براوننج، وفي عام 1846 تزوجا سرًا بسبب رفض والدها لزواجها. بعد زواجهما، انتقلا للعيش في إيطاليا، حيث وجدت إليزابيث أن المناخ أفضل لصحتها. عاشا في فلورنسا، حيث واصلت الكتابة والنشر حتى توفيت في فلورنسا، إيطاليا، ودفنت في المقبرة الإنجليزية هناك.

تتميز قصائد إليزابيث باريت براوننج بجوانب عدة تجعلها فريدة ومؤثرة في الأدب الإنجليزي، حيث العمق العاطفي في قصائد مليئة بالعواطف الصادقة والعميقة، سواء في حبها لروبرت براوننج، أو في تعبيرها عن الألم والمعاناة الشخصية والاجتماعية.

وكذلك الالتزام بالقضايا الاجتماعية، إذ تناولت إليزابيث في شعرها قضايا مهمة مثل العبودية، حقوق المرأة، وحريات الإنسان. كانت مدافعة قوية عن هذه القضايا، مما أعطى لقصائدها بُعدًا اجتماعيًا وأخلاقيًا.

فضلا عن الإبداع اللغوي، وهنا استخدمت إليزابيث لغة غنيّة ومعقدة، مليئة بالاستعارات والصور الشعريَّة. وكان أسلوبها الأدبي متميزًا بتراكيبها اللغوية الفريدة والمبتكرة.

كما وتأثرت إليزابيث باريت براوننج بالشعراء الكلاسيكيين والأدب اليوناني واللاتيني، مما أضاف لقصائدها طابعًا كلاسيكيًا ممزوجًا بالحداثة، فضلا عن  التجريب، حيث لم تلتزم باريت براوننج بشكل شعري واحد، بل جربت أشكالًا متعددة مثل السونيتة، القصيدة الطويلة، والقصائد الغنائية.

كما وقد أحتوت قصائدها على العديد من الرموز الدينية والتلميحات اللاهوتية، حيث كانت شخصية متدينة بعمق، وهذا انعكس في كتاباتها، من أشهر أعمالها "سونيتات من البرتغالي" التي تُعتبر واحدة من أعظم قصائد الحب في الأدب الإنجليزي، والتي كتبتها لزوجها روبرت براوننج.

قدمت إليزابيث باريت براوننج العديد من الأعمال الشعريّة التي تركت أثرًا كبيرًا. من أهم مؤلفاتها: "سونيتات من البرتغالي" وهي سلسلة من 44 سونيتة تُعتبر من أعظم قصائد الحب في الأدب الإنجليزي. كتبتها إليزابيث لزوجها الشاعر روبرت براوننج، وتتميز بعمقها العاطفي وجمالها الأدبي. و"صرخة الأطفال" وهي قصيدة قوية تعبر عن معاناة الأطفال العاملين في المصانع خلال الثورة الصناعية. و"أورورا لي" وهي قصيدة سردية طويلة نشرت في عام 1856، تتناول قصّة حياة شاعرة شابة، تجمع بين السَّرد والرومانسيّة والنقد الاجتماعي، تعكس القصيدة التزام إليزابيث بالقضايا الاجتماعية ومحاولتها للفت الانتباه إلى الظلم والاستغلال. وتعتبر من أهم أعمالها النثرية والشعرية على حد سواء. وكذلك "قصائد" وهي مجموعة شعرية نشرت في عام 1844، وشملت العديد من قصائدها المهمة التي جلبت لها شهرة واسعة. و"نزع القفاز" مجموعة شعريَّة نشرت في عام 1838، تحتوي على قصائد متنوعة تعكس اهتمامها بالدين والفلسفة والأخلاق. و"فكر في حالنا" قصيدة طويلة تنقسم إلى جزأين، تعبر فيها إليزابيث عن مشاعرها حول الأحداث السياسية في إيطاليا خلال فترة إقامتها هناك. تعكس القصيدة اهتماماتها السياسية وحبها لإيطاليا. و"آخر الشاعرات" مجموعة نشرت بعد وفاتها في عام 1862، تضم قصائد لم تكن قد نشرت سابقًا، وتعبر عن مراحل مختلفة من حياتها وشعرها.

وتعد "كيف لي أن أحبك" من أشهر قصائدها، تقول فيها:


كيف لي أن أحبك  

أثمة طرق معبدة لحبي تمتد إلى الأطراف القصيّة 

يمكن لروحي إن تصل اليك والمشاعر 

تهرب معتمة إلى نهايات الكينونة والوجود والنعم المثلى 

أريدك كما حاجتي كل يوم إلى الشمس وضوء 

الشمع المتقد 

أعشقك حرا كمن يناضل من أجل الحق

أحبك نقاء بلا مدح زائف

 أهيم بك كشغف احزاني القديمة  

ونقاء أحلام الطفولة 

متيم بك عشقا وإن خسرت شفعائي القديسين القدماء

أحبك بعدد أنفاسي وابتساماتي ودموع كل حياتي 

وأن قدر الرب سأحبك أكثر بعدما أموت.