عِلم الروتين

الصفحة الاخيرة 2024/08/05
...

عبد الهادي مهودر

كل المؤشرات تدل على أن المستقبل للأذكياء الذين يسابقون الزمن قبل توسع الفجوة وفقدان أمل اللحاق بالعالم الرقميّ

الرقمنة والحوكمة والأتمتة والحكومة الالكترونيَّة، من مستلزمات العصر التي تدعونا إلى التفاؤل وتكشف عملا جادا وتخطيطا واستعدادا لعصر جديد يقوده الذكاء الاصطناعيَّ، وكل المؤشرات تدل على أن المُستقبل للأذكياء الذين يسابقون الزمن قبل توسع الفجوة وفقدان أمل اللحاق بالعالم الرقميّ، لكنك حين تصحو من الحلم وتغسل وجهك وتصلي على نبيك تدرك أنك كنت في حلم وجسدك الشريف كان مكشوفاً جزئياً، فالحقيقة المرة هي أن دوائر الدولة لا تزال مشدودة إلى الوراء وترفض التخلي عن الروتين وتقدّسه وتتمسك بالآليات القديمة، فالإسبوع الفائت راجعت روتينياً لغرض تسديد قسط سنويّ مستحق باِعتباري مواطناً صالحاً يعطي الدولة أجرها قبل أن يجف عرقها، وتفاجأ موظف الاستعلامات بجهلي وجهل المواطنين الكرام، كيف لا تعلمون بأن اليوم هو موعد الجرد الشّهريّ!؟ وهذا يعني أن دوائرنا تغلق أبوابها أثنا عشر يوماً سنوياً إضافة إلى التمتع بأيام الجرد السنويّ والجمع والعطل والتعطيلات، وكان سؤالنا البريء وهل يمكن الذهاب إلى المصرف لتحرير صك بالمبلغ استغلالاً للوقت؟ فضحك: يا أخوان حتى المصارف مثلنا لديها جرد شهريّ اليوم، وضحكنا ضحك طفلين معاً، واكتشفنا جهلنا الكبير بعلم الروتين على الرغم من تجربتنا طويلة معه!
ولديّ سؤال بريء وأرجو أن يعذر جهلي علماء الروتين الأفذاذ، هل يمكن لدوائر الدولة القيام بالجرد الشّهريَّ والسّنويّ بمعزل عن العمل، دون تعطيل مصالح الناس أم قد تحصل كارثة كونيّة؟ والسؤال الآخر: أليس عجيباً أن تراجع المصرف الحكومي وتطلب منك الموظفة الخروج إلى الشارع لاستنساخ الهوية الشخصيَّة؟ مع أن المصارف تتقاضى أجور خدمة ويمكن أن تستخدم جهاز استنساخ بسيط ؟