سيرجيو ليوني وسينما {الويسترن إسباغيتي}

ثقافة 2024/08/05
...

علي حمود الحسن    

تمتعت كثيراً بقراءة كتاب الناقد المصري المعروف أمير العمري المعنون بـ "سيرجيو ليوني" الذي كرسه لسيرة هذا المخرج الإيطالي العبقري الذي طالما أسعدنا بأفلامه "الكابوي" أو "الويسترن" التي أطلق عليها النقاد اسم "السباغيتي" لتميزها عن أفلام الغرب الأميركي، وربما للتقليل من شأنها مثلما يروي العمري.
الكتاب الصادر عن دار المرايا للإنتاج الثقافي في العام 2020؛ ضم بين دفتيه مقدمة وعشرة فصول، فضلاً عن ملحق صور، جميعها تروي كما يقول المؤلف: "قصة حياة ليوني وأجواء أفلامه وظروف تصويرها وإنتاجها، والنجوم الذين صنعهم على شاكلة: كلينت ايستود، ولي فان كليف، وجارلس برونسون وغيرهم، مسلطاً الضوء على بداية تجربته وفيلمه المثير للجدل "حدث ذات مرة في أميركا".
اقتفى العمري في فصل كتابه الأول طفولة ليوني (1929 - 1989) الذي ولد لأب يعمل مخرجاً سينمائياً أيام السينما الإيطالية الصامتة، إذ كان أحد روادها، وأم ممثلة مشهورة، عمل ليوني مساعد مخرج لدي سيكا صاحب "سارق الدراجة" وآخرين، وربما لا يعرف الكثير أن ليوني أخرج مشهد مبارزة العجلات الرهيب في الفيلم الشهير "بن هور"(1959) للمخرج الأميركي وليم وايلر.. بعدها أخرج أفلاماً عديدة قبل أن يتبلور أسلوبه ويخرج ثلاثيته الشهيرة، بينما يتحدث العمري في الفصل الثاني عن إنتاج (40) فيلماً من "الويسترن سباغيتي" قبل إخراج  ليوني لثلاثيته الشهيرة: "من أجل حفنة دولارات"(1964) ، و "من أجل مزيد من الدولارات"(1965)، و"الطيب و الشرس والقبيح"(1966) التي كرس لها المؤلف فصول كتابه: الثالث والرابع والخامس والسادس، ملمحاً إلى ظهور النجم كلينت ايستود الذي تحول إلى نجم أيقوني، بسيجارته العالقة في طرف شفتيه، وقبعته العريضة، مرتدياً "البونشو" المكسيكي، بملامح جامدة وعيون زجاجية لا أحد يعرف من أين جاء.. ولا يجيد سوى القتل، مدافعاً مرة عن نفسه، ومطارداً الخارجين عن القانون من أجل
الدولارات مرات.
إلى ذلك سلط الناقد المصري في الفصل السابع الضوء على فيلم "حدث ذات مرة في الغرب" (1968) الذي يعد الأهم في تاريخ السينما، إذ كسر قواعد أفلام "الكابوي" و"العصابات" إلى حد أنه أثر في أساليب المخرجين العالميين فيما بعد.  وتناول صاحب كتاب "حياة في سينما" في الفصل الثامن والتاسع فيلم "حدث ذات مرة في الثورة" (انبطح أيها المغفل 1971) الذي أخرجه ليوني على هامش الثورة الطلابية الفرنسية التي ألقت بظلالها الثورية على كوكبنا الأرضي، وكذلك فيلم "حدث ذات مرة في أميركا"(1984).
واختتم العمري كتابه بفصل عنوانه "اسمي لا أحد" الذي هو تحية وداع لنمط بطل "الكابوي" التقليدي في زمن متغير، إذ عمد ليوني إلى أسلوب طريف وكوميدي من خلال جمع الأسطورة هنري فوندا والشاب الجديد والطريف ترانس هيل..
يمكن القول أن بصمة وأسلوب ليوني واضحة تماماً في تاريخ السينما العالمية عموماً والإيطالية خصوصاً، إذ كان يعمد إلى حكي قصص العصابات وقطاع الطرق ورجال الكابوي، معتمداً على موسيقى تصويرية للعبقري أنيو موريكوني وعلى اهتمامه باللقطات العامة الآسرة واللقطات القريبة.  وعلى الرغم من كونه حقق ما يريد في فيلمه المميز "حدث ذات مرة في أميركا"، إلا أنه عانى كثيراً حينما اختصره المنتجون من 3 ساعات و47 دقيقة - هو زمن المشاهدة- إلى ساعتين و15 دقيقة، ما أفقده الكثير من ملامحه وقيمته الجمالية وأضاف لهذا المخرج العبقري حزناً وخيبة.