توطين الصناعة الدوائية هدف حكومي ستراتيجي

العراق 2024/08/05
...

 إعداد: القسم السياسي

شهد شهر آذار من العام الماضي 2023، إصدار مجلس الوزراء عدة قرارات تتعلق بتوطين الصناعة الدوائية، وذلك ضمن رؤية حكومة محمد شياع السوداني الستراتيجية لحاضر ومستقبل البلاد وتصحيح ما يمكن من مسارات عملية عقَّدتها الظروف التي مرت بها البلاد.
فقد قرر جلس الوزراء  ،إطلاق السلف التشغيلية للعقود التي يجري إبرامها مع المصانع الوطنية للأدوية، و تأليف المجلس الدوائي (برئاسة وكيل وزير الصحة وعضوية مديرين عامين في الوزارة ومن الجمارك وممثلين عن نقابات (الأطباء، وطب الأسنان، والصيدلة) لغرض التكامل بين القطاع العام متمثلاً بوزارة الصحة، والقطاع الخاص وتذليل العقبات وتجاوز المعوقات.
كما قرر المجلس، إنشاء مدن صناعية خاصة بالصناعة الدوائية من خلال تخصيص الأراضي الواسعة لإقامة المصانع الدوائية على وفق قانون المدن الصناعية (2 لسنة 2019)، ومنح قروض ميسّرة للمصانع القائمة التي ترغب بتطوير خطوطها الإنتاجية مع تخفيف شروط الضمانات المصرفية بحيث تكون بضمانة المصنع.
وعقب 5 أيام من تلك القرارات، افتتح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، مصنع الصحة الوطني، وأكد يومها أن الأمن الدوائي والصحي من أهم متطلبات المواطن، وأن “افتتاح المصنع الوطني رسالة من الحكومة لتوطين الصناعة الدوائية”، وتابع: “لا بد أن تكون الدولة قادرة على تأمين المستلزمات الطبية”، مردفاً بالقول: “نأمل من القطاع الخاص المساهمة في الإنتاج الوطني من الأدوية”.
وبيّن، أن “المصنع الوطني سيلبي احتياجات المرضى في المستشفيات من المطهرات والمعقمات ومحاليل الغسيل الكلوي وسيكون لديه 15 بالمئة من مبيعات المواد المنتجة”، مشيراً إلى أن “هناك استعداداً لإضافة خطوط إنتاج جديدة في المصنع الوطني”.
ونوه بأن “الأمن الدوائي واحد من أهم متطلبات أمن المواطنين والدولة في ظل الأزمات الوبائية والحروب والأزمات الاقتصادية، ولا بد أن تكون الدولة قادرة من خلال القطاع الخاص والقطاع الحكومي على تأمين مستلزمات الصحة والدواء للمواطنين وإلا ننتظر متى تأتي الشحنة، لذلك وضعنا هذا الهدف أمامنا”.
وذكر رئيس الوزراء، أن “حجم سوق الأدوية تجاوز 3 مليارات دولار ونسبة تأمين المنتج الوطني من هذه الكتلة النقدية فقط 10 بالمئة، ما يعني أن 90‎ بالمئة‎  تذهب إلى خارج العراق، وهذه الكتلة النقدية تذهب من البلد وكان العراق سوقاً استهلاكية لدول وشركات لتسويق منتجاتها”.
بدوره، يقول وزير الصحة صالح الحسناوي: إن “مشروع توطين الصناعة الدوائية يعد ضمن أولويات البرنامج الحكومي”، مبيناً أن “المشروع يهدف إلى تحقيق الأمن الدوائي وعدم الحاجة لاستيراد الأدوية”.
وأشار إلى أن “مسألة الاستيراد تعقبها مشكلات عدة، منها تأخر الشحنات ونقلها، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية”، مؤكداً أن “توفر الصناعة الدوائية داخل البلاد سيسهل على المريض الحصول على الدواء، علاوة على سهولة تعاقد المستشفيات مع المصانع الوطنية”.
وأضاف، أن “العراق قدم تسهيلات كبيرة للمستثمرين غير مسبوقة”، داعياً إياهم إلى “استغلال الفرصة وإقامة صناعة دوائية حقيقية في البلاد، من أجل تحقيق الأمن الدوائي»، ولفت إلى أن “بعض الأدوية كانت تستورد بمبالغ كبيرة، تمّت صناعتها داخل العراق بتكلفة أقل، تصل إلى 50 بالمئة”.
وتعود حكاية الدولة العراقية الحديثة مع صناعة الأدوية؛ إلى سنة 1965 بتأسيس الشركة العامة لصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية / سامراء بالتعاقد مع الاتحاد السوفيتي (السابق)، وهي تملك 5 مصانع أدوية في عدة محافظات، وبدأ الإنتاج الفعلي للشركة في العام 1970، وتعد من أفضل الشركات في الشرق الأوسط، إلا أن الحروب والخراب الذي أعقبها منذ 1980 ومابعد 1991 و2003، ترك أثره على الشركة ومصانعها ومعاملها، لتعود من جديد بعد سقوط النظام المباد، وتعزز من وجودها في السوق المحلية جنباً إلى جنب مع قرابة 24 مصنع أدوية أغلبها تتبع القطاع الخاص.
وتريد حكومة السوداني أن تستثمر الأجواء المستقرة نسبياً محلياً لجذب الاستثمارات المحلية والدولية إلى قطاع الصناعة الدوائية داخل العراق لتغطية الطلب المتزايد على الأدوية والمستلزمات الطبية، والوصول إلى مرحلة إنتاج وتأمين 50 بالمئة من مجموع احتياجات الأدوية في البلاد خلال السنوات القليلة المقبلة.