علي حسن الفواز
الضغط الدبلوماسي المحموم، يعني وجود تهديدات حقيقية في المنطقة، لكن البحث عن حلول لا يعني كسر الجمود السياسي فقط، بل يرتبط بمنع الكيان الصهيوني ولجمه من الاستمرار بخلط الأوراق، والعبث بالأمن الدولي والإقليمي
الشرق الأوسط عند حافة الجحيم، هذا ليس توصيفاً قصصياً، بل هو واقع يخشى العالم من تفاقم حرائقه، ومن أن تذهب الأمور إلى أخطار قد لا تتحملها المنطقة، ولا حتى الغرب الذي يدعم الكيان بإفراط، والمتوهم بأن حماية هذا الكيان العدمي تعني حماية افتراضية لـ»السلم العالمي» و»مواجهة الإرهاب» كما تقول الأدبيات الغربية! رغم أن ذلك الشرق لم يعد سحرياً وبارداً، وأن معادلة الحرب والسلام اختلفت كثيراً، مثلما تغيّرت معها قواعد الاشتباك وسياقاتها القديمة المحكومة بثنائية «القوي والضعيف».
قطع الطريق على خيار الحرب تحول إلى هاجس غربي واقليمي، وحتى أميركي، فاتصالات الرئيس الفرنسي ماكرون، واتصالات وزيري الخارجية الأميركي والبريطاني، ورئيس وزراء الباكستان، وصولاً إلى زيارة وزير الخارجية الأردني إلى طهران، تكشف عن خطورة ما يجري، وعن رعونة ما تصنعه سياسات “نتنياهو” من جرائم واغتيالات، ومن نزق يقود إلى التورّط في سياسة الأرض المحروقة، وجرّ الولايات المتحدة إلى حربٍ بتكاليف غير قياسية.
الضغط الدبلوماسي المحموم، يعني وجود تهديدات حقيقية في المنطقة، لكن البحث عن حلول لا يعني كسر الجمود السياسي فقط، بل يرتبط بمنع الكيان الصهيوني ولجمه من الاستمرار بخلط الأوراق، والعبث بالأمن الدولي والإقليمي، وفرض سياسة الواقع المتوحش في غزة، وهذا ما يُعطي لزيارات “الوقت المتأخر” زخماً تدرك الولايات المتحدة ضرورته وخطورته، رغم أنها المسؤول الأول عن تغوّل هذا الكيان، وحماية عدوانه، وسياساته الرعناء، التي تجاوز بها الخطوط الحمر، في قواعد الاشتباك، وفي اغتيال رموز المقاومة، وفي التجاوز على القانون الدولي والحقوق السيادية للدول.
ما تحمله تلك الاتصالات والزيارات إلى جمهورية إيران الإسلامية، لها دلالاتها المهمة، في التوقيت، وفي الأهداف، وفي مراجعة ملف الجرائم الصهيونية، وقطع الطريق علىأ “ النتن ياهو” وعلى عنصرية سياساته التي يعمل على فرضها، وجرّ الجميع إلى حرب كارثية مفتوحة، والتيأ وزير خارجية الأردن بالقول “من غير الجائز أن يكون مستقبل المنطقة مرهوناً بالعقائدية الإلغائية والانتقامية الفجة لنتن ياهو»
كما أن ما يجري الآن في القاهرة من مباحثات بين الجهات المصرية، والجهات الأمنية في الكيان، يكشف عن وجهٍ آخر للأخطار، وعن الهلع الصهيوني من خروج الأمور عن السيطرة، وعن التداعيات الخطيرة على الواقع الأمني، وعلى ما يشهده من تطورات متسارعة.
الهروب للأمام لن يُجدي في هذه الحرب، والبحث عن الحلول السهلة لن يكون واقعياً، وترطيب المزاج الدبلوماسي إرضاء لهذا الطرف أو ذاك، لن يكون آمناً، لأن ما يقوم به الكيان الصهيوني من جرائم، ومن ممارسات واعتداءات واغتيالات يجعل تلك الحلول محفوفة بالطمأنينات المغشوشة، والمخاتلة في حماية الكيان من أي عقوبة دولية، أو من أي إجراء عسكري رادع.