سارة الصرَّاف: سمعتُ كلَّ شيء

منصة 2024/08/07
...

 بغداد: نوارة محمد

دور سارة الصرّاف في الكتابة لا يقل أهمية عن نشاطها الإعلامي، إذ برزت كصحفيّة ومهتمة في صناعة الخبر، لكن نجمها لمع منذ أن قدمت رواياتها الأولى "سمعت كلّ شيء" التي بدأت في كتابتها قبل أربعة عشر عاماً، وقدمتها لنا قبل عام فقط، وفيها روت أحداثا حقيقيَّة عاشها عراق الثمانينات. وهي عدا هذا وذاك ناشطة اجتماعية وواحدة من صُنّاع المحتوى الهادف على منصّات التواصل الاجتماعي.
تؤكد الصرّاف أنّها اختارت النتاج الأدبي وإبداعه على العمل الإعلامي، رغم تأثيره في حياتها طوال سنوات اشتغالها في هذا الميدان، "تجربتي مع الإعلام طويلة وهي تصل نحو خمسة وعشرين عاما، وهذه التجربة شذّبتني، قطعاً دور الإعلام في خدمة الكتابة الأدبيّة لا يمكن إنكاره، هذه الممارسة اليومية والمنهجية حفزت نصوص الرواية، وفي النهاية وجدتني أنتمي لهذا العالم".  
بدأت الصرّاف مشوارها عام سنة 1997 كمحررة في قسم الأخبار لدى قناة العراق الفضائية، ثم انتقلت لتلفزيون CNBC ARABIA، وتدرّجت خلال عقدين من الزمن حتى تسلمت منصب رئيسة التغطية الإخباريَّة.
تقول إنّها "تنتمي لجيل قارئ في وقت كانت فيه وسائل الترفيه محدودة وهو ما ساعدها مثلما ساعد كثيرين على تثقيف أنفسهم، والتوجه نحو الكتاب: "نحن أبناء تلك الحقبة، حقبة السبعينيات كانت حظوظنا في وسائل الترفيه محدودة وربما صب ذلك في مصلحتنا، فلم يكن لدينا من نستمتع به سوى الحديث عن الكتب، والأفكار التي تطرحها، وتبادل الآراء، واعتقد هذا ما جعل جيلنا قارئ أكثر من الأجيال الجديدة، وكوني حفيدة العلّامة أحمد الصرّاف، فكانت الفرصة في اقتناء العناوين متاحة لي أكثر من غيري، وهذا أثر عليَّ بشكل مباشر من دون وعي منّي، بدوت حينها سعيدة بالمجالس الثقافية التي تعقدها والدتي وجدتي، وادركت لاحقاً في غربتي أنني منتمية لهذه الأمكنة وتلك النقاشات المحتدمة".  والصرّاف التي كتبت بذاكرة طفلة وجسّدت أحداثاً حقيقة عاشها عراق الثمانينات وصفت الحرب بشكلها المروع، في رواية "سَمعت كلّ شيء" التي رُشّحت للقائمة الطويلة في جائزة البوكر، تقول إنّ "الحياة قبل ذلك كانت أشبه بفندق خمس نجوم؛ لكن سرعان ما دخلت الحروب بيوتنا انقلبت الحياة رأساً على عقب، (سَمعت كل شيء) توثيق لزمن الثمانينات وللمجتمع بكافة جوانبه، وكيف أثرت الحرب على هذا المجتمع، لكنني حين شرعت بكتابة هذه الرواية لم أقصد تجسيد تلك المرحلة بقدر ما حاولت الاقتراب من تلك البيئة التي افتقدتها في غربتي، الحميميَّة التي شعرت بها في أزقتنا، والتي عشتها في المنزل الأول، بيت الجد، والمجالس الثقافية التي تُعقد هناك آنذاك، من هنا انطلقت فكرة كتابة هذه روايتي لكن سرعان ما أصبح السرد والكتابة مرتبط بالأحداث، وخصوصاً أحداث الحرب ومدى تأثيرها في المجتمع وعلى تلك البيئة، أصبحت تجسيد لذاكرة العراق وحروبه".
وتتابع: اعتقد أن الحروب تؤثر بشكل أساس على حياة الافراد وهي تؤثر حتى على اختيار القرارات المصيريَّة، هذا ما اكتشفته لاحقاً، الحرب أثرت على شخصيتي، وطريقة كتابتي التي تحولت لاحقاً في روايتي إلى سرد الواقع الذي عشته وعاشه أبناء جيلي، فأنا أمثلهم، نحن جيل السبعينات كنا نعيش في حالة خوف وعدم استقرار نفسي، حاولت ان أنقلها في (سمعتُ كلّ شيء) من خلال طرح التساؤلات التي تراود جيلا كاملا لا يجرؤ على طرحها في الواقع.   وعدا السرد والعمل الإعلامي تؤسس الصرّاف لكسب جمهور جديد آخر تعده قاعدة لا يستهان بها، وهم روّاد مواقع التواصل الاجتماعي من خلال موضوعات اختارت أن تطرحها باللهجة العامية لتضل قريبة من جمهورها، كما توضح "جمهور منصات التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي، يعد أهم منصّة للكاتب ووسيلة أساسية لإيصال رسالته، سواء كان مؤثراً أم غير مؤثر، وفي هذا العالم الرقمي هنالك جمهور واعٍ، ومثقف، وأعتقد أنّها أفضل مساهمة لتحفيز الناس، وجذب انتباهم، ان هنالك أشياء صغيرة ايجابية في الحياة يمكن الالتفات لها، يمكن أن تغير مسار حياة، اكتشفت ذلك بعد تجربة طويلة، أنّ كل شيء سار في طريقه الصحيح، حتى تلك الأشياء الصغيرة، أحاول أن أنقل تجربتي لأكبر عدد جماهيري خصوصاً أنّها تصل إلى أكبر عدد ممكن بسرعة البرق.