فيل في الغرفة

آراء 2024/08/08
...

 نرمين المفتي

يكشف المشهدان مدى ازدواجية المعايير عند الغرب، فالذين صفقوا لنتنياهو لان جيشه لم يقتل مدنيين، يصرون على ان للكيان (حق الدفاع عن النفس) ويصمون آذانهم لعدم سماع الاخبار، وإن كانوا يكذبون الاخبار المصورة للفضائيات العربية، ومن بينها الجزيرة التي تبث من غزة على مدار الساعة

المشهد الاول في الكونغرس الأمريكي في 24 تموز المنصرم، حين ألقى رئيس حكومة النازيين الجدد نتنياهو كلمته التي دامت 55 دقيقة وصفقوا له 81 مرة، يعني مرة كل 40 ثانية، ومن بينها 58 مرة وقوفا! في هذا المشهد قال حرفيا « أنا ذهبت إلى رفح وزرت قواتنا هناك والتي تقاتل بقية كتائب حماس الارهابية، وسألت القائد كم قتلتم من الارهابيين، فأعطاني رقما هو 1203 ثم سألته كم مدنيا قُتل، فأجاب عمليا لا احد باستثناء حادثة واحدة حين قتلت شظية من قذيفة انفجرت في مخزن لأسلحة لحماس 24 شخصا، أي أن الجواب لا احد تعرفون لماذا لأن إسرائيل تخرج الناس من المناطق الخطيرة».. وتصفيق 

حاد!!. 

المشهد الثاني، في أولمبياد باريس، في اليوم الاول من الشهر الجاري وفي مباراة الملاكمة النسائية، تمكنت الملاكمة الجزائرية ايمان خليف من الفوز على غريمتها الإيطالية بضربة قاضية بعد 46 ثانية فقط من بدء المباراة. وبدأ التنمر على خليف وبأنها متحولة جنسيا، ما اضطر والدها إلى نشر صور ابنته وهي صغيرة وصبية، ليؤكد بأنها ولدت انثى، لكن التنمر لم يتوقف وطالبوا بطردها لأنها متحولة جنسيا! وهاجمها رئيسة وزراء إيطاليا وترامب والون ماسك وغيرهم وأشارت غريمتها الهنغارية التي خسرت مباراتها معها ايضا اليها بصورة 

وحش. 

يكشف المشهدان مدى ازدواجية المعايير عند الغرب، فالذين صفقوا لنتنياهو لان جيشه لم يقتل مدنيين، يصرون على ان للكيان (حق الدفاع عن النفس) ويصمون آذانهم لعدم سماع الاخبار، وإن كانوا يكذبون الاخبار المصورة للفضائيات العربية، ومن بينها الجزيرة التي تبث من غزة على مدار الساعة، فأنهم لا يقرؤون بيانات المنظمات الاممية الخاصة بحقوق الانسان والطفل ومن بينها اليونيسيف، بأن طفلا فلسطينيا يقتل في غزة كل أربع ساعات منذ السابع من تشرين أول/ اكتوبر الماضي ويُقتل طفل في الضفة الغربية كل يومين في الفترة نفسها. وكأن حوالي 20 الف طفل و5 آلاف امرأة، تم قتلهم احيانا برصاص القناصة ليسوا مدنيين إنما عناصر من المقاومة. وإذ يستمر الدعم الغربي للكيان، ويطلقون يديه بقتل من يعتبره خطرا على أمنه، فإنهم يسارعون للضغط على الدول، التي يخترق الكيان سيادتهم لعدم التصعيد! أي استهتار مستبد امام صوت عربي رسمي منخفض، وكأنه صمت لبعض الدول وصمت مطبق للأخرى ودعم واضح للكيان لبعض آخر 

منها. 

والغرب الذي يروج لحقوق المتحولين جنسيا وكانت لوحات افتتاحية الأولمبياد، التي أشارت إلى هذه الحقوق مقرفة، يطالب باستبعاد ايمان خليف التي ولدت انثى من المنافسات، لأنها متحولة جنسيا.. أي استهتار آخر، لأن لو هذا حدث في أية دولة عربية أو مسلمة لكان الغرب أسرع إلى إصدار بيان، ربما من مجلس الأمن، ضدها لأنها تخترق حقوق الإنسان وتوجهاته. بينما سكت هذا الغرب (لغاية كتابة هذا المقال) عن مشاركة العداءة الأمريكية في سباق 1500 سيدات نيكي هيلنز وهي وحسب اعترافها ذكر متحول جنسيا! وحسنا فعل المتحدث باسم اللجنة الأولمبية الدولية، مارك إدامز، حين اكد بأن خليف ولدت انثى وجميع وثائقها تؤكد هذه الحقيقة. 

وعبرت خليف عن امتنانها للجنة الأولمبية الدولية ورئيسها توماس باخ على وقوفهما بجانبها، وكان باخ قد صرح بأن ما يحدث ضد خليف قضية سياسية. إن الغرب الذي ابتكر مثل ( فيل في الغرفة) والذي يعني حقيقة واضحة يتم تجاهلها، يصر على عدم رؤية الفيل، ليس في قضية غزة وحدها، انما في كافة القضايا التي تخص منطقة الشرق الأوسط والمحير في القصة إن بعض دول المنطقة تحاول أن تخبئ

 الفيل..