فوبيا الحشرات

منصة 2024/08/08
...

من المفارقات إنَّ ثلاث حشراتٍ تخافُ منها النساء والبنات وهي (أبو بريص والصرصر والعنكبوت)، بل إنَّ بين البنات إذا رأت إحداهنَّ فإنها تفزعُ وتصرخُ وتحتمي بحضن أمها وتبقى مرعوبة حتى لو قالوا لها: خلص حبيبتي قتلناه ومات.

هذا النوع من الخوف يسميه علماء النفس (فوبيا Phobia) ونسميه عربياً (الرهاب) وله تعاريف كثيرة، منها:

1 - اضطرابُ قلقٍ يتصفُ بخوفٍ مفرطٍ أو غير مناسب.

2 - خوفٌ شديدٌ ومستمرٌ من موضوعٍ أو موقفٍ لا يعدّ في الواقع مصدراً واضحاً أو بارزاً للخطر.

3 - خوفٌ من نوعٍ خاصٍّ لا يتناسب وحقيقة الموقف، ولا يوجد تفسيرٌ أو سببٌ واضحٌ له، وهو أبعد ما يكون عن قدرة الشخص في السيطرة عليه أو تجنبه

4 - خوفٌ مبالغٌ فيه ولا يحمل في طياته ما يبرره.

ويمكن إيجاز تعريفه بالآتي: “خوفٌ مفرطٌ أو شديدٌ من موضوعٍ أو موقفٍ، يعّد لدى الآخرين عادياً أو طبيعياً، لا يستطيع المصاب به السيطرة عليه بالرغم من معرفته بأنَّ خوفه هذا غير مناسب”.

ولا علاقة لهذا الخوف بمستوى الثقافة أو التعلم، فقد كانت لديّ طالبة ماجستير علم نفس، وكنا جالسين أنا وزملاؤها في غرفة الدراسة ولدينا محاضرة، وفجأة هرعت الطالبة مفزوعة وعيناها شاخصتان باتجاه الحائط، لدرجة أنَّها لم تستطع حتى الاستئذان منّا، والسبب أنها رأت أبو بريص على الحائط.

المثير للدهشة والاستغراب أنَّ هذه الحشرة الضعيفة، الصرصار أو أبو بريص، تسبب أعراضاً جسديَّة في البنت التي تخاف منه، يصعبُ تصديقها، فهي ما أنْ تراه:تصابُ بالشلل أو تظل متجمدة في مكانها، تبكي وتصرخ، تصابُ بالدوار أو الضعف في الركبتين، تتنفس بسرعة وقد تختنق، يرتفعُ معدل ضربات القلب، وقد يغمى عليها.

ليس هذا فقط، بل إنَّ الخوف من الصرصار وأبو بريص غالباً ما يؤدي إلى اضطراب الوسواس القهري، فتعمل المصابة بالرهاب منه على تنظيف منزلها جيدًا (بتكرار رغماً عنها) لضمان بقاء هذه الحشرات خارج بيتها.


لماذا نصاب بفوبيا الحشرات؟

مؤكدٌ أنَّك ستسأل عن أسباب هذا الرهاب، فنجيبك بأنها تتحددُ في ثلاثة:

الأول: تعيش هذه الحشرات لا سيما الصراصير، في أماكن مظلمة وغالباً ما تظهر في الليل أو في حالة عدم وجود أضواء، فيثير ظهورها مشاعر الخوف أو الرهاب أو الشعور بالاشمئزاز.

الثاني: تعرّض المصاب برهاب الخوف من الحشرات في طفولته الى تجربة سلبيَّة أو مؤلمة مع أبو بريص أو الصراصير أو العناكب، كأنْ يكون قد حبس أو حبست في أماكن مظلمة، إذ تميل هذه الحشرات إلى الاختباء فيها، وقد تكون لدغته أو لدغتها أو مشت على وجهه أو وجهها.

الثالث: يروي بعض الآباء أو الأمهات لأطفالهم ما تعرضوا له يوم كانوا أطفالاً، حكاياتٍ عن صرصر أو أبو بريص من خوفٍ وفزعٍ، فينقلون خوفهم من هذه الحشرات، من دون قصدٍ، الى أطفالهم، فيحذرون منها ويتطور الحذر الى خوفٍ والخوف الى رهاب.


العزباء حين ترى أبو بريص في المنام

من جميل، أو غريب ما قرأت، أنَّ الفتاة العزباء إذا رأت أبو بريص في المنام، وكان لونه أخضر، فإنَّ ذلك دليلٌ على صعوباتٍ وعقباتٍ ستواجهها في حياتها، والمشكلة أنَّها تصدقُ ذلك ويسبب لها اكتئاباً ولعن حظها البائس، مع أنَّ ابو بريص غير مؤذٍ، وغير نجسٍ، وما يگدر يسوي أي شي للإنسان.

والآن، أكيد أنَّ من قرأت هذا الموضوع ولديها رهاب الخوف من أبو بريص أو الصرصر ستقول: «كلامك حلو دكتور، بس مستحيل أخلص من الصرصر». ولها نقول: «زورينا.. والرهن صينية بقلاوة لموظفي (الصباح).