نداء الأقصى من النجف

الأولى 2024/08/13
...

 كتب: رئيس التحرير

المواقف المصيريَّة امتحانٌ ليس للإنسان فقط بل للهويات التي يحملها. فكثير ممّا يتبناه الإنسان ويظنّه مشكّلاً لهويته يمكن أنْ يغدو نسياً منسياً مع أوّل امتحان وجوديّ يتكشّف فيه الحقيقيُّ من الزائف.
فلسطين اليوم، بل منذ احتلالها، امتحانٌ لإنسانيَّة الإنسان، وميزان كاشف لتمييز ذهب الموقف الصادق من زيف الدعاوى التي تتساقط عند الملمّات وتتقشر عن جُبن كانت تستره ثيابُ الشعارات.
أمس تساءل فلسطينيّ عن الحركات المسمّاة "إسلاميَّة" والتي كانت تنشط قتلاً وتفخيخاً وذبحاً في العراق وسوريا: أين غاب فعلها، بل أين ذهب صوتها؟ هل أصبح رفع الصوت باستنكار ما يحدث في غزّة أثقل عندهم من تفخيخ سيارة وقتل مدنيين في بغداد وسائر المحافظات كما كانوا يفعلون؟
ذهبتْ أدبيات الجهاد والمرابطة عند هؤلاء أدراج رياح الإبادة الصهيونيَّة في غزّة وأخواتها، وبقي موقف الصادقين الذين وحدهم يرفعون أصواتهم مندّدين ومستنكرين وداعين إلى النصرة في محيط عربيّ وإسلاميّ يكاد يقتله الصمتُ، صمتُ القبور!
أمس، كان للمرجعيَّة الدينيَّة في النجف الأشرف كلمة الصدق هذه، حين عقدت مؤتمر "نداء الأقصى" وأعادت للأذهان موقفها الثابت من مأساة المسلمين المزمنة في فلسطين التي تقاتل أعتى وحوش الأرض. وكانت كلمة الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثلاً للسيد المرجع علي السيستاني لافتة في ربط موقف المرجعيَّة من فلسطين بالنداء الحسينيّ في كربلاء: هيهات منّا الذلّة.
 منذ طوفان الأقصى صار الفلسطينيّ يعرفُ مَنْ وقف معه على الأرض ومَن شدَّ عضده بكلمة صادقة ومَن كان في وقت الملمّات حسينياً حينما صارت الأرض كلها كربلاء.