زيد الحلي
أحيانا تضيق النفس وتضجرّ، فيأخذ القلم مجراه على الأوراق، ويصبح هو المصلى وهو الصلاة، ساعياً الدخول إلى مشاعر المرء المختلفة ؛ فالحياة اليومية في تغيير مستمر وتقلب دائم، إنه الشرود الذهني بعينه ، والقلق والشرود الذهني ؛ كما هو معروف من الأحاسيس الانسانيَّة المؤلمة وأساس المتاعب النفسيَّة التي يعاني منها الإنسان.
وهاكم ما مررت به أمس الأول : كنتُ في حافلة صغيرة لنقل الركاب، انطلقت من الكرخ إلى الرصافة، وحينما اجتزنا جسر الجادرية ، نبّه السائق بصوت مسموع الراغبين بالنزول أمام جامعة بغداد؛ فأستجاب لتنبيهه ثلة من الركاب، وبقيت وبضعة أشخاص وشابة ، يدل محياها على أنها طالبة... وبعد مدة ليست بالقليلة ، من انطلاق الحافلة، سمعت هذه الشابة، وهي تطلق صيحة كتومة، مطالبة السائق بالتوقف؛ وهي تولّول مع نفسها بصوت مسموع ، لكنها مع ذلك اعتذرت من السائق ذاكرة أن مقصدها كان جامعة بغداد .. لكن قلقها على ابيها المريض الراقد في المستشفى منذ عدة أيام ، جعلها في حالة شرود مستمر.. عذرّناها، وخففّنا عنها حالتها ، لكن دمعها انثال.. وما أصعب دموع العذارى!
أنا على قناعة بأن حقيقة المواطن في ظرفنا الراهن، ليست بما يظهر، بل بما لا يستطيع أن يظهر، متمنيا على اية جهة مسؤولة، ان أرادت ان تعرف
الحقيقة ، فلا تصغ إلى ما يقوله المواطن .. بل إلى مالا يقوله.