كريم فهيم ومحمد الشمع
ترجمة: أنيس الصفار
بعد انقضاء عشرة أشهر على دخوله المعركة التي اندلعت بين إسرائيل وحليفته حركة حماس لا يبدو على حزب الله، وهو حزب سياسي لبناني إلى جانب كونه جماعة مسلحة، أنه قد ارتدع بعد الضربات المؤذية التي تعرّض لها بسبب الغارات الإسرائيلية ومقتل ما يقارب 400 من مقاتليه وقادته. لم يوقف حزب الله ضرباته على شمال إسرائيل خلال هذه الفترة إلا مرة واحدة في تشرين الثاني، بيد أنه عاد إلى تصعيد شدّة هجماته كما وسّع قائمة أهدافه لتشمل بلدات إسرائيلية يقول إنها لم تتعرض للضرب من قبل.
أثار عناد حزب الله غضب إدارة بايدن، حليف إسرائيل الرئيس، ومن أجل تجنب وقوع حرب إقليمية لابد أن تنجرَّ إليها الولايات المتحدة، تحرّكت الأخيرة بمساع تضمنت في ما تضمنت حتى محاولات فاشلة للتوسط بإقرار وقف لإطلاق النار في لبنان وقطاع غزة معاً. دأب حزب الله ترديد أنه لا يريد حرباً، ولكنه لن يتوقف عن إطلاق النار إلا بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
في يوم الخميس الماضي أصدرت الولايات المتحدة وقطر ومصر بياناً مشتركاً حثت فيه حماس وإسرائيل على استئناف المفاوضات، في وقت تترقب فيه إسرائيل عملاً انتقامياً من جانب حزب الله وإيران رداً على مقتل قائد كبير في حزب الله في ضاحية بيروت وزعيم حركة حماس في طهران. جاء في البيان المذكور: "لا مجال هناك لإضاعة مزيد من الوقت."
إذ يخوض حزب الله معاركه يبرز بصورة حامل لواء "محور المقاومة"، فخوراً بمكانته كقوة عسكرية لا ينازعها في لبنان منازع، بترسانته الضخمة من الأسلحة وعشرات الآلاف من الرجال المدربين المتأهبين. ومع انتشار المعاناة في لبنان حاول الحزب أن يكسر حدة المعارضة لعملياته العسكرية بالقول إنَّ تكتيكاته قد نجحت في الحدّ من اتساع رقعة العنف، كما حالت معاركه مع إسرائيل دون الانتقال إلى صراع أوسع نطاقاً.
من خلال النجاح الذي حققه في إبقاء القتال محصوراً إلى درجة كبيرة بالمناطق الحدودية من جنوب لبنان، تمكّن الحزب من تقليص حجم المشكلة عما لو كان قد أطلق صراعاً كبيراً، كما يقول "مايكل يونغ"، كبير المحررين في مركز "كارنيغي للشرق الأوسط" ومقرّه بيروت. يقول يونغ إنَّ هناك فصلاً في لبنان بين ما تلحقه الضربات الإسرائيلية من دمار بالمناطق التي تستهدفها في الجنوب وباقي المناطق من البلد حيث تمضي الحياة على طبيعتها. بفضل هذا الفصل، إضافة إلى الاشمئزاز واسع النطاق في لبنان إزاء وحشية الهجوم الإسرائيلي على غزة، تمكن حزب الله من إبقاء الاستياء تحت السيطرة، كما يقول يونغ.
بيد أنَّ إبراهيم منيمنه، وهو نائب مستقل في البرلمان اللبناني، يقول إنَّ الثمن الذي تفرضه الحرب على جنوب لبنان كان من الشدّة بمكان يدعو للتساؤل عن ستراتيجية حزب الله. يقول منيمنه: "لا أعتقد أنهم قد تمكنوا من حماية لبنان عن طريق ما يسمونه معادلة الردع." في إشارة إلى مبدأ يستند إلى فكرة أن لا إسرائيل ولا حزب الله يرغبان في التصعيد إلى أبعد من حد معين.
يقر إبراهيم الموسوي، وهو نائب في البرلمان اللبناني يمثل حزب الله، أنَّ المعاناة في مناطق الجنوب والنزوح الجماعي يشكلان عبئاً على الحركة. فلبنان، الذي يعيش أزمة اقتصادية منذ وقت طويل من معالمها التضخم الكبير وسعة انتشار الفقر، لا يكاد يستطيع مساعدة النازحين.. ناهيك عن تصور إمكانية إعادة إعمار المناطق التي تدمرت بسبب الصراع من دون مساعدات خارجية ضخمة.
يقول: "كم كنا نتمنى أن يكون حال لبنان أفضل أو في حال أكثر إيجابية تمكن من خوض الحرب." مضيفاً أنَّ حزب الله يقدم المساعدات للنازحين، بما في ذلك دفع إيجار السكن عنهم. كانت هذه الجماعة تحاول إيجاد توازن بين جوانب الضعف التي يعاني منها لبنان وقرارها بمواصلة القتال الذي يصفه بأنه "واجب أخلاقي وديني ووطني ومسؤولية إنسانية."
• صحيفة "واشنطن بوست"