علي حسن الفواز
تكشف تداعيات الصراع في الشرق الأوسط عن أزمات خطيرة، وعن معطيات مفتوحة، وعن خيارات من الصعب التكهّن بمخاطرها على الأمن الإقليمي والأمن الدولي، فما يقوم به الكيان الصهيوني من عدوان وحشي عنصري على غزّة يضع العالم أمام مأزق أخلاقي وإنساني، كما أنَّ اغتياله قادة المقاومة في إيران ولبنان يفضح سياسات الكيان وتجاوزه الخطوط الحمر لقواعد الاشتباك التقليدية، واستهتاره العلني بسيادة الدول.
الخشية من الهجوم الإيراني المحتمل على الكيان الصهيوني تحوّلت إلى هاجس أميركي- غربي، مشفوعاً بالدعوات إلى التراجع، والذهاب إلى "أقنعة السياسة" لتدارك أخطار ما يمكن أن يحدث من صراع يدرك الجميع آثاره المعقدة، وطبيعة انعكاساته على المنطقة، وعلى العالم. ولعلّ دعوات الرئيس الأميركي جو بايدن قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا إلى ضرورة التدخل لمنع هذا الهجوم تفضح هذا القلق، رغم أنهم على يقين من أنَّ الكيان الصهيوني هو المسؤول عن تلك التداعيات، وعن كلّ ما تعيشه المنطقة من استمرار دوامة العنف، لكن دعم هذه الدول والإصرار على حماية الكيان وتسليحه، هو الذي يُعطي الضوء الأخضر لـ"نتنياهو" وحكومته العنصرية لممارسة دور "البلطجي" في المنطقة، وتجاوز الخطوط الحمر في سياسات الإرهاب، وفي الاغتيالات الممنهجة لقادة المقاومة.
الموقف الأميركي الحذر، ترافقه إجراءات تُزيد من احتمالات المشاركة في أيّ اندلاعٍ للصراع، فإرسال حاملات طائرات أف - 35 وغواصات الصواريخ الموجّهة إلى المنطقة دليل على أنَّ الولايات المتحدة شريك في الحرب، وأنَّ الدفاع عن الكيان الصهيوني يؤكد السياسة الرسمية للولايات المتحدة، والمشاركة في كلّ الخيارات التي يفرضها الواقع، وأنَّ تصريحات مسؤوليها عن "المفاوضات" ووقف إطلاق النار، بدت غير واقعية، وغير جادة في إيقاف العدوان الوحشي على غزة، واستمرار قتل المدنيين العزل، وآخرها ما حدث من جريمة قصف المدارس التي تؤوي أعداداً كبيرة من اللاجئين راح ضحيتها المئات منهم.
منع التصعيد في المنطقة لا يعني منح العدوان الصهيوني شرعية، والتخلّي عن معاقبته على جرائمه، كما أنَّ خيار السياسة لا يعني التنازل عن مواجهة الرعونة الصهيونية، لأنَّ إيران تجد في ردها على الاعتداء "حقاً مشروعاً لها وفقاً للمعايير الدولية، لضمان الاستقرار الإقليمي، وأننا نتوقع من أوروبا أن تلعب دوراً في إنهاء الإبادة الجماعية في غزة بدلاً من دعم النظام الصهيوني" كما قالت الرئاسة الإيرانية.