الحسين «عليه السلام» حصَّة الوطن والمواطن والإنسانيَّة

منصة 2024/08/15
...

يُخطئ من يظنُّ أنَّ الإمام الحسين «عليه السلام» يخصُّ طائفة معينة، ويخطئ أيضاً من يظنه يخصُّ ديناً واحداً، والصحيح أنَّ الحسين أصبح رمزاً إنسانياً بشهادة كتّابٍ أجانب، اليكم نماذج منها:
* لقد قدم الحسين بن علي أبلغ شهادة في تاريخ الإنسانيَّة وارتفع بمأساته إلى مستوى البطولة الفذة.
(الآثاري الإنكليزي وليم لوفتس)
* أصبح يوم كربلاء وثأر الحسين صيحة الاستنفار في مناهضة الظلم.
(المستشرق الأميركي فيليب حتي)
وعن تراجيديا الطف قالوا:
* إنَّ الإمام الحسين وعصبته القليلة المؤمنة عزموا على الكفاح حتى الموت وقاتلوا ببطولة وبسالة ظلت تتحدى إعجابنا وإكبارنا عبر القرون حتى يومنا هذا.
(الكاتب الإنكليزي بيرسي سايكس)
* إنَّ واقعة كربلاء ذات أهميَّة كونيَّة، فلقد أثرت الصورة المحزنة لمقتل الحسين الرجل النبيل الشجاع في المسلمين تأثيراً لم تبلغه أيَّة شخصيَّة مسلمة أخرى.
(المستشرق الأميركي غوستاف غرونييام)

والمفارقة أنَّ مقولات الإمام الحسين تضمنت، وقبل أربعة عشر قرناً، القيم ذاتها التي تبنتها حديثاً منظمات حقوق الإنسان المتمثلة بـ(العدل، والاخلاق، والحريات، والحقوق، والواجبات)، والتحذير عينه الذي وجهته الأمم المتحدة حديثاً بأنَّ انتهاك حريَّة الإنسان وكرامته يجرُّ الى مآسٍ واحترابٍ يلحقُ الخرابَ بالوطن ويشيعُ الكراهيَّة والعنف بين مكونات المجتمع، والهدف نفسه الذي تبنته الدول المتحررة في دعواتها الإصلاحيَّة إلى صيانة الكرامة الإنسانيَّة، ورفض العبوديَّة، وتحديه الذلَّ الذي يريده الطغاة للأحرار. وتوعية الناس بدورهم الأخلاقي والاجتماعي والديني في إصلاح شؤون الأمة السياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وتنبيههم بأنَّ مواصفات الحاكم العادل هو ذلك الذي يحكمُ بالحق ويحترم آراء الناس ومعتقداتهم ويجعل القانون معياراً لهيبة الدولة ومشروعيَّة حكمه، باعتماد مقولته: (ولعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الداين بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله).
وتوكيده على الحاكم أنْ يعملَ بتعاليم الإسلام التي تؤكد على قيم العدالة بين الناس في أمورهم المعيشيَّة والخدميَّة وعدم معاقبتهم في أرزاقهم، وألا يفرّق بين أحدٍ من الرعيَّة على أساس القرابة أو الطائفة أو العشيرة فيكرم من يشاء ويحرم من يشاء، ولا يعدّ ما يجبى من زكاة وخراج (ثروة الوطن) ملكاً خاصَّاً به، يشتري به الضمائر والذمم ويسخرّه لمصلحته، وينفقه على ملذاته وإشباع رغباته الدنيويَّة الزائلة.
ما يحتاجه العراقيون اليوم بملايينهم الأربعين أنْ يستدخلوا ويفهموا جوهر القيم الحسينيَّة فكراً ويجسدوها سلوكاً، ويقتنعوا بأنَّها الضمانة الأكيدة لبناء الوطن والمواطن؛ لأنها جاءت من أجل حريتهم وصيانة كرامتهم الإنسانيَّة في حياةٍ مستقرةٍ آمنةٍ تشيع التفاؤل بين الناس في وطنٍ يمتلك كل المقومات لأنْ يعيش أهله برفاهية.: