تجنيد الأطفال لدى {داعش»

اسرة ومجتمع 2019/06/17
...

 بغداد / شذى الجنابي
 
حذّر خبراء واكاديميون من خطورة الطفولة بالعراق وتجنيد اعداد كبيرة من الاحداث (من هم اقل من 18 سنة) خلال احتلال “داعش” لاجزاء واسعة من مناطق العراق في العام 2014 وتم طردهم عام 2017 ، وبعد انسحابهم  استخدم ستراتيجية جديدة بالسيطرة على عقول البعض من الاطفال باتباع أسلوب الترغيب والترهيب في تجنيد الاحداث بين (5- 7 )سنوات وإخضاعهم لتدريبات عسكرية للمشاركة في المعارك والقتل.   كما اكدوا وجود أكثر من (4200) طفل وفق إحصائيات حقوق الإنسان في العراق موزعين في أربعة معسكرات خصصتها لهم عصابات داعش الإرهابية ومن فئات عمرية مختلفة.
افكار متطرفة
أكد الدكتور زياد عبد اللطيف سعيد القريشي / مدير المؤسسة القانونية في منظمة من اجل وحدة العراق  معالجة موضوع تجنيد الاطفال واعادة اندماجهم المجتمعي بعد الصراعات للتخلص من الانعكاسات السلبية، وهناك مايقارب 4200 طفل باعمار تتراوح مابين 12-17 سنة محكومين او متهمين بالارهاب، فضلا عن وجود اطفال كانوا مصاحبين لابائهم المنتمين الى منظمات ارهابية .
من جانب اخر يرى القريشي وجود مشكلة كبيرة تواجه المؤسسات الاصلاحية العراقية باحتواء اعداد هائلة منهم وما يحملونه من مشاكل نفسية وفكرية كبيرة ، خاصة وان الاحكام ضدهم تتراوح مابين( 5- 15 ) عاما يعودون بعدها الى المجتمع وهم معبؤون بأفكار متطرفة وصور مطبوعة في اذهانهم ، قد يشكلون خطورة كبيرة على الاحداث الاخرين بعد انتهاء فترة حكمهم، لذلك يتوجب علينا وضع الحلول السريعة لمعالجتها ضمن ستراتيجية تضعها الحكومة العراقية بالتعاون مع المجتمع الدولي للتخلص من الاخطار المستقبلية المقبلة.
ويشير الى أن البيئة المحيطة بالطفل لها دور كبير في توجيه ما تريده من الطفل بشرط أن يكون بطريقة غير مباشرة ليعطي النتيجة المطلوبة، علما بأن أطفال داعش يقومون بالقتل بوجود ثناء وتشجيع من اسرهم،  ويتحتم على المشرفين في الاصلاحية فصلهم عن افراد عوائلهم، مما يسهل اعادة تاهيلهم وادماجهم بالمجتمع من خلال اعداد برامج خاصة لهم والتي تعتمد على معالجة الصدمات النفسية الناتجة من مشاهدة الإعدامات ومشاركتهم في أعمال العنف التي يعانون منها، فضلا عن تأهيلهم التعليمي حتى يتمكنوا من نسيان ممارساتهم السابقة ، وخلق البيئة التمكينية التي توفر حماية لهم. 
 
جناية الأمهات
عن التحديات المجتمعية والاثار المستقبلية للاطفال المقاتلين اوضح الدكتور عدنان ياسين مصطفى /استاذ علم اجتماع التنمية في كلية البنات /جامعة بغداد: ان الهجمة التي واجهها العراق كانت استهدافا لشعبه وحضارته وتاريخه وكل مصادر الحياة فيه وخصوصا الاطفال الذين تاثروا بالنزاع وولدوا اطفالا مجهولي النسب نتيجة عمليات الاغتصاب التي تعرضت لها النساء من قبل مقاتلي التنظيم، وتجنيد الشباب العاطلين عن العمل واغراؤهم بالمال ، وخلال زياراتنا الى مخيماتهم في محافظات الانبار والموصل وصلاح الدين التي ضمت عوائل مدانين بالارهاب ، ومنهم الاطفال الذين يشكلون نسبة 50% منهم وبحاجة الى تأهيل وتوعية واعادة اندماجهم بالمجتمع .
واشار الى ان  الطفل يستخدم عاطفته اكثر من عقله ويمكن إقناعه بسهولة لا سيما من هم في مقتبل عمر المراهقة كونهم أقوياء وقادرين على القيام بأدوارهم عمليا، ولا يدركون الخوف والموت، وقد استخدم عصابات داعش الارهابية  أساليب جاذبة للأطفال من خلال توفير الأنشطة الترفيهية، والبيئة المناسبة لاعمارهم، عبر تنظيم لقاءات ودروس لهم، تحمل طابع التودد ومعاني الجهاد والقتال. 
واعتبر ياسين بأن جناية الأمهات الداعشيات على أطفالهن سبب مهم في تعرضهم الى غسل أدمغتهم وزرع الكراهية والحقد في نفوسهم وفاء للارهابيين ، او بسبب اعتقال الأب أو الأم المتورطين في قضية إرهابية، أو انتحارأحدهما وكان السبب في اصابة ابنائهم بصدمة كبيرة، لذا أصبحوا فريسة سهلة في أيدي الجماعات الإرهابية التي استقطبهم بدافع الانتقام . 
 
أطفال أبرياء
 كما اوضح ان اغلب النساء في المعتقلات من المجندات في صفوف التنظيمات الارهابية، وخير دليل على ذلك احدى النسوة كانت حياتها متشابكة مع الجماعات الارهابية من خلال ارتباطها العائلي بها ومتزوجة من احد قيادي داعشم والمسؤول عن تجنيد الفتيان لقاء دعم من احدى الدول، وقامت من تجنيد ولديها اللذين يبلغان من العمر بين 8- 10 سنوات جعلتهما يشاهدان شريط فيديو لمقاتلي القاعدة وهم يسبحون في برك السباحة، مما اصبحت لديهما الرغبة في الذهاب مع الارهابيين كونهم يمتلكون اساليب ترفيهية وزجهما في العمليات الانتحارية، وكذلك ابنتاها متزوجتان من إرهابيين مسجونين فقد تم اعتقالهما بتهمة اعتناقهما الفكر التكفيري وتدريسه للمجتمع النسوي، فضلا عن تجهيز الشباب المغرر بهم بالمال والهويات المزورة والجوازات وارسالهم إلى مناطق القتال، علما بان معظم النساء الداعشيات حاصلات على تعليم جامعي، ولهن خبرة ومهارة في التعامل مع الإنترنت، مما دفع بداعش الى التغرير بهن بسهولة ، وتزوجن من ارهابيين وانجبن اطفالا ابرياء عملوا على تجنيدهم  ودفعوا بهم الى الموت.
واختتم حديثه بالتساؤل: نحن تحت وطأة الدهشة، كيف وصل الأمر بالمرأة او الأم إلى التضحية بنفسها وأطفالها ؟ وهل يعقل وجود نسوة في مجتمعنا أفضى بهن التطرف إلى الاندفاع نحو الارهاب متجاوزة التقاليد والعادات، فضلا عن إلقاء نفسها الى التهلكة، والزج بأطفالها الصغار الذين لا حول لهم ولا قوة في الجحيم وتقديمهم قرابين 
للقاعدة ؟ 
 
اتفاقية حقوق الطفل
 اما الدكتور خالد الحسون / الخبير في القانون الدولي تحدث : عن اهمية نشر مفاهيم القانون الدولي والوطني بين اوساط المجتمع وحماية الاطفال والاحداث كونها من مسؤولية الدولة عن حماية حقوق كل الاشخاص الموجودين في البلد، مؤكدا ضمان الاحتياجات والحقوق الخاصة بالاطفال والمراهقين المجندين ومساعدتهم باعتبارهم ضحايا وفق القانون الدولي وليس جناة ومتهمين بجرائم ارتباطهم بالجماعات المسلحة، وينبغي التعامل معهم في عدالة اصلاحية وتأهيلهم اجتماعيا بما يتفق مع القانون الدولي الذي يضمن حمايتهم عبر اتفاقيات ومبادئ وايجاد بدائل للاجراءات القضائية وفقا لاتفاقية حقوق الطفل والمعايير الدولية، والعمل على مشاركتهم في آليات المصالحة لضمان اعادة ادماجهم بالمجتمع.
كما اكد الدكتور الحسون  اهمية التعاون بين وسائل الاعلام والسلطة القضائية  ودورهم ، وبالتالي التاكيد على الاتفاقيات المهمة في حماية الطفولة وحقوقها، والتركيز على الجانب المهم في تجنيدهم، واهمية التواصل معهم بعد اطلاق سراحهم والتفات كل المؤسسات المعنية للاهتمام بهم من اجل منع اعادة الصراعات والحروب وبناء السلام والقضاء على الازمات وتوطيد ثقة المواطن بالدولة. وقد اشارت إحصائيات حقوق الإنسان في العراق إلى أن هناك أكثر من (4200) طفل كانوا موزعين في أربعة معسكرات خصصتها لهم عصابات داعش الإرهابية وهم من الفئات العمرية المختلفة وقد تم إعدادهم لتنفيذ عمليات انتحارية والقيام بالمراقبة والاستطلاع ووضع العبوات 
اللاصقة.
واشار الى ان معظم هؤلاء الأطفال ابرياء لم يضعوا في اماكن خاصة عند اعتقالهم وقد تم سجنهم في المخيمات المنتشرة في شمال العراق وسوريا واختلطوا مع اصحاب التهم بجريمة الارهاب ، وايضا اثرت افكار اطفال داعش على الاخرين في مراكز الاعتقال وتسميم افكارهم وهو في سن اقل من 18 عاما ناقص الادراك وتحول من مجرم بتهمة بسيطة الى الارهاب، والمشكلة تكمن عند اطلاق سراحهم من السجن بعد الحكم 15 عاما يصبح عمره 30 عاما او اكثر بعد ان كان حدث بعمر 15 عاما  او اقل سيخرج مجرما حقيقيا نتيجة اختلاطه باعداد كبيرة من المحكومين بمختلف الجرائم لان المعتقل الواحد يضم اكثر من 500 محكوم من الاحداث لم يتم تاهيلهم سلوكيا وسيطلق سراحهم محملين بالحقد والسلوك الاجرامي ، كيف يمكن 
انقاذه ؟ .
 
وصمة عار
من جانبها  أوضحت الدكتورة اسماء القيسي /عضو لجنة السلم المجتمعي في مجلس الوزراء: ان اطفال داعش قنبلة موقوته يرفضهم المجتمع بسبب ثقافة الثأر التي تلاحقهم في مناطقهم التي رجعوا اليها ، وعدم امكانية دمجهم بالمجتمع  واذا خرج الجانح من السجن لايمكنه مواجهة المجتمع  وينظر اليه على انه ( وصمة عار) ولاتتقبله المدرسة، فكيف اذا كان متهما بالارهاب ؟ لذا ينبغي على المجتمع ان يفرق بين الشخص الذي مارس الارهاب طوعا عن الفرد الذي اجبر على ممارسته ، فضلا عن توفير دورات لاعادة تاهيلهم، ووجود ستراتيجية قانونية لحمايتهم، وصحية لمعالجتهم وتأهيلهم 
نفسيا .