مسرحيَّة عن الكراهية والشر {الملك فانوس والقط بسبوس} للصغار والكبار

ثقافة 2024/08/18
...

  أحمد عساف

افتتح على خشبة مسرح القباني بدمشق الثلاثاء الماضي العرض المسرحي "الملك فانوس والقط بسبوس". ويستمر العرض للفترة من 6 ولغاية 20 آب الحالي ، وسط حضور جماهيري.

المسرحية التي من تأليف الأديب نور الدين الهاشمي ، وإعداد وإخراج عبد السلام بدوي تعتمد بالأساس على حكاية عالمية، تم تحويلها إلى عمل انطلق من أوروبا، وكان يكتب بلغة البلد الذي يتم تقديم العرض فيه. 

في دمشق الأمر يختلف، فقد كتب النص نور الدين الهاشمي بلغة عربية فصحى مبسطة قريبة من عمر الأطفال، ولكن الحكاية عادت لأصولها الأوروبية من حيث الملابس وسينوغرافيا العرض المسرحي، على يدي المعد والمخرج عبد السلام بديوي، الذي قال" إن "نص مسرحية اليوم يصلح للصغار، فهو من الحكايات المحملة بالبراءة، وأيضاً يصلح للكبار من ناحية الفكرة والحكمة والمعاناة التي نعيشها في واقعنا". 

تجسد مسرحية "الملك فانوس والقط بسبوس" حياة ملك بسيط ومتواضع ومحب للناس، ولديه قط اسمه "بسبوس" يرعاه ويحبه. لكن هذا "الملك -داود الشامي" محاصر ومحاط بحاشية خبيثة، توظف ذكاءها للشر، وتظهر للملك كل المحبة والحرص على كرسيه وتاجه، وهي في أعماقها تبيت له الكراهية ومكائد الشر، وتعمل على إفشال مشاريعه الإنسانية. وبينما هو مدعو لحضور حفل الأميرة رمانة يقولون له: "يا ملك الزمان عليك باستبدال ثوبك هذا بثوب جديد ولون جديد". ويوزعون بياناً في المملكة بحثاً عمن يحيك ثوباً جديداً للملك، فيتفقان مع صبي وصبية للعب دور الخياطين، يقولون للملك "لقد أحضرنا لك هذا القماش، من بلاد بعيدة، أنظر إليه كم هو جميل". وليس هناك قماش، يقولون له "هذا القماش سحري لا يرى"، فيسأل الملك داود الشامي، عن القماش، ويسأل وزيره ومستشاريه: هل ترونه؟ يقولون له: نعم نحن نراه، وهو جميل جداً يا ملك الزمان، ثم يخلعون ثوبه ويعرونه بدعوى أنهم سيبدلون ثوبه القديم بثوب جديد، وهو في طريقه إلى حفل الأميرة. إلا أن حارسه الفنان المخرج عبد السلام بدوي، يقول له: ليس هناك أي ثوب أيها الملك، إنهم يخدعونك، يريدون إرسالك إلى حفلة الأميرة بدون ملابس، وإن لم تصدقني دعنا نتجه نحو هؤلاء الأطفال، ونسألهم فالأطفال لا يكذبون. يسأل الحارس الأطفال في قاعة المسرح هل الملك عارٍ. يرد جمهور الأطفال: "إنه عارٍ" ويسألهم الملك يا أطفال: هل أنا عارٍ؟، يقولون له: "نعم أنت عارٍ أيها الملك". 

لا شك هي حالة إيجابية تلك المحاولة لإشراك أطفال من الجمهور، في الفعل المسرحي وردة الفعل، الذي يحدث على الخشبة، وسط حالة زهو واعتزاز من الأطفال. 

 حينها يكتشف الملك خداع وزيره وحاشيته له، فيرتدي ثوبه القديم وتاجه، ويعود للجلوس على كرسيه متأملاً وبدهشة الوجوه التي خدعته، فيشعر بكثير من الأسى والندم.

ويعترف له ابن الحكيم وابنته ياسمين الجباوي، أن الوزير وحاشيته هما من دفعاهما للاشتراك في هذا الفخ المخادع والماكر، وأن والدهما "الحكيم" الذي هو في السجن الآن، والذي تم زجه في السجن من قبل أحد الحاشية بهتاناً وزوراً، وهو الذي كان يرفض التآمر والغدر والخيانة على عرش الملك، وعلى  مشاريعه الإنسانية. 

بعد اكتشاف الحقيقة، يأمر الملك الحارس بإخلاء سبيل الحكيم وإخراجه من السجن ، وبسجن الوزير والحاشية.

كنا ومع سياق الحدث المسرحي قد استمعنا إلى أغنية "فرح" من أداء الممثل والمطرب أحمد حجازي، الذي نجح بأداء شخصية "كنار". 

كانت الإضاءة ناجحة، كذلك موسيقى العرض شيقة ولافتة ، وهي من تأليف الموسيقي أيمن زرقان.  

سنلاحظ في المسرحية أن الأسماء أو الألقاب للشخصيات كانت أداة معبرة عن كل دور مثل "ثعلبان- خالد زياد مولوي" شخصية المكر وخديعة الثعالب، وكذلك "بدر الزمان- ياسمين الجباوي"، التي كانت بدراً للزمان، في براءتها وعفويتها على المسرح، وعبد السلام البدوي المعد والمخرج، الذي كان رمزاً للحارس الأمين وكشف خيوط المؤامرة، قد تألق كثيراً منذ شرارة انطلاق دوره من وسط الجمهور باتجاه الخشبة حتى المشهد الأخير.