كَيفَ يستعدُّ العراقيّ لإحياء أربعينيّة الحسين {عليه السلام}

منصة 2024/08/19
...

 بغداد: نوارة محمد


ذكرى أربعينية الإمام الحسين "ع" تُعد واحدة من أبرز الأحداث الدينيّة في العراق، ومن أكبر التجمّعات الدينيّة والبشرية في العالم، يحيي خلالها المسلمون الشّيعة ذكرى يوم الأربعين استشهاد الإمام الحسين "ع" في واقعة الطَّفّ عام 680 ميلادي. يتوافد خلالها أكثر من 22 مليون زائر، من داخل العراق وخارجه، إلى مدينة كربلاء، فكيف يستعد الفرد العراقي لمراسيم هذه الزيارة؟

ووفقاً للأمين العام للمؤسسة العليا للمواكب الحسينية السيد زكي جريو، فإن "نحو 14 ألف موكب ممِن سُجلوا رسميا في المؤسسة العليا للمواكب الحسينيّة في محافظة النجف تنطلق لتقديم خدماتها، وتتهيأ المؤسسة العليا بتقديم الدعم المادي وبعض المستلزمات التي يحتاجها الوافدون من الزوار". 

ويؤكد: نقدم يومياً ما يقارب نحو مليون عبوة ماء، وانطلقت لجنة فحص المؤسسة لتسجيل عدد المراوح الهوائيّة التي تحتاجها المواكب الحسينيّة والتي سيتم توزيعها خلال اليومين القادمين، بالإضافة إلى خدمات أضافية أخرى، مما يحتاجه الزائر الكريم. 

ويقول حيدر مؤيد: انه وزملاءه من أصحاب المواكب على أتم الاستعداد لاستقبال زوار الإمام الحسين، فهم يجهزون لهذه المراسيم والشَّعائر طوال العام، بما تمكنوا من جمعه في صندوق التبرعات خلال السنة وهي تبرعات ذاتيّة لا دخل لجهات رسميّة أو غير رسميّة، في جمعها، ويؤكد ضرورة اتباع ارشادات العتبتين "العباسية والحسينية" في اداء الزيارة.  

من جانبه، أعلن رئيس مجلس كربلاء قاسم علي اليساري تعطيل الدوام الرسمي في محافظة كربلاء المقدسة، اعتباراً من يوم الأحد  ولغاية الـ26 من آب، استعدادا لاحياء مراسيم اربعينية الإمام الحسين، كما أشار رئيس مجلس محافظة بابل إلى ضرورة تعطيل الدوام الرسمي في المحافظة باِستثناء الدوائر المشمولة بخطة الزيارة الأربعينية، وصوت مجلس محافظة النجف الأشرف برئاسة حسين العيساوي على قرار تعطيل الدوام الرسمي في محافظة النجف الاشرف اعتباراً من يوم الأحد القادم المصادف 18 من شهر آب الحالي 13 صفر، ولغاية 26 من شهر آب الموافق 21 صفر، باستثناء الدوائر الأمنية والخدمية.

تشارك فاطمة محمد للمرة الخامسة في زيارة الأربعين، وتتحدث لـ "الصباح" عن سبب عودتها المتكررة لأداء هذه الشَّعائر، كما تقول إن "الشعور هنا مختلف، وإن تسير على قدميك مئات الكيلو مترات من دون أن تشعر بتعب، أو جوع وعطش فهذا ليس بالأمر الاعتيادي، ليس هذا فحسب، بل إننا نبتعد عن بيوتنا وأهلنا ولن نشعر بالغربة، فالناس هنا يجتمعون من مختلف الجنسيات والأعراق والطبقات الاجتماعية، ولا أحد يختلف عن الآخر".

ويتحدث اوس كامل: عندما تصل إلى المضيف لست بحاجة إلى ابراز هويّة أو التحدّث باللغة نفسها، مجرد أن تسير عبر هذه الطريق تحصل على الخدمة والأمان والراحة. 

ويضيف أن "هؤلاء أناس يدّخرون أموالهم كي يفتحوا مضيفاً يستقبلون فيه الزوار، أو يفتحون بيوتهم للنوم والإطعام، أين نرى هذا المشهد في مكان آخر؟ هو شيء غريب يصعب الحديث عنه". هذه الاستعدادات لم تقتصر على بقعة معينة في هذه الأرض، لا بل أن دولاً اوروبية تتهيأ لأحياء هذه المراسيم، كما يقول سنان السبع إن "الكثير من الجالية العراقيَّة تحرص على أحياء الطقوس والشّعائر الحسينية في ذكرى استشهاد الإمام الحسين والأربعينية، في أيام كهذه ليس هناك أي أثر للتعصّب الديني والمذهبي، الجميع هنا يحضرون المجالس الدينيّة، والتي تتضمّن قراءة القرآن الكريم، إضافة إلى تعريف بالمناسبة باللغة الألمانية، ويروي السادة والشيوخ المعممين تفاصيل الفاجعة المؤلمة لواقعة الطّفّ". ويتابع أن "الأمر لا يقف عند هذا فحسب، بل إن أغلب الأسر العراقيّة تقوم بإقامة الولائم وتوزع الأكلات وترفع الرايات السوداء مُعلنة الحداد". 

وتقول أم أمير "هي واحدة من المشاركات في الحملات التي تبدأ السير قبل أسابيع من حلول الذكرى". وتضيف: نحن من الزبير من محافظة البصرة جنوب العراق، ننطلق قبل عشرة أيام أو اسبوعين إلى كربلاء وسط البلاد، خلال هذه المسافة التي  تبلغ أكثر من ستمئة كيلومتر نمر بمئات المواكب الحسينية، وليس غريبا أن يتهافت أصحاب المنازل وخُدام المواكب لاستقبالنا وأن الأمر طبيعي أن يعملون على خدمتنا خلال الأربعة وعشرين ساعة على مدار أيام طويلة، العراقيون اليوم يّعدون هذه الخدمة الأكثر شرفاً في العالم خلال هذه الأيام.