داليا آلبرغ
ترجمة: كريمة عبد النبي
بعد النجاح الذي حققه في وقت مبكر من حياته، أقدم الرسام هنري أورليك على الانسحاب من عالم الفن. وعلى الرغم من هذه العزله، إلا أن أعماله الفنية السريالية ستكون متاحة للزائرين، حيث تستضيف أحد المعارض البريطانية أعماله التي كانت تعرض سابقا جنبا إلى جنب مع أعمال رواد الحركة السريالية مثل رينيه ماغريت وسلفادور دالي. وقد وافق هذا الرسام على عرض أعماله في أول معرض رئيسي يقام له بعد الانسحاب من الساحة الفنية لأكثر من نصف قرن.
برز هذا الفنان، الذي يبلغ من العمر حاليا سبعة وسبعين عاماً، كموهبة فنية فريدة وهو في العقد الثاني من عمره، أي مع بداية السبعينات من القرن الماضي، حيث شارك ضمن المعرض الصيفي للأكاديمية الملكية والمعرض السريالي في مركز لندن للفنون، إضافة إلى عدد من المعارض مع نخبة من كبار فناني الحركة السريالية آنذاك.
وقد صنف أحد نقاد الفن أعمال أورليك بأنها “غاية في البراعة من الناحية الفنية، وأن هذا الفنان لن يبقى غير معروف، بل سيحظى بشهرة كبيرة”.
عانى هذا الفنان من جشع تجار الأعمال الفنية، إذ أوضح أنهم يأخذون الكثير من مبالغ المبيعات تاركين القليل للفنان نفسه. ونتيجة لذلك رفض السماح لتجار الفن بالتعامل مع أعماله الفنية، وقرر بكل بساطة الابتعاد عن الحياة العامة، إذ استمر بممارسة فن الرسم لكن من دون رغبة بعرض أعماله للبيع. عاش حياة بسيطة مع والدته التي كانت الداعم الرئيس له بعد أن أدركت موهبته الفنية.
وبعد أن تم إقناعه بعرض أعماله الفنية، يقيم هنري أورليك معرضه الفني حالياً على قاعة ماس للفنون في لندن. ويعمل على إقامة وتنسيق هذا المعرض غرانت فورد، وهو خبير فني واختصاصي في مزاد ساوثبي لمدة ثلاثين عاما حتى عام 2016.
وقال غرانت: “أنا أتعامل في هذا المجال منذ ثمانية وثلاثين عاما، لكنني لم أصادف مثل هذه المجموعة من اللوحات الاستثنائية والرائعة لفنان يجب أن نعده واحدا من العظماء في هذا المجال”، مضيفا: “لقد قدم هذا الفنان لوحات فنية استثنائية عن الطبيعة لم يتقيد من خلالها بقواعد الواقع”.
ولد هذا الفنان في مدينة آنكوم شرق ألمانيا، خلال الحرب العالمية الثانية لأب بولندي خدم مع قوات التحالف بقيادة بريطانيا. أما والدته فكانت من بيلاروسيا وتم ترحيلها بعد الغزو النازي للعمل في أحد معسكرات مدينة آنكوم.
وصلت أسرة هذا الرسام الى بريطانيا عام 1948 وتنقلت بين عدد من المعسكرات هناك لتستقر في مدينة سويندون. برزت موهبته الفنية خلال وقت مبكر من عمره، وكان يستغرق شهورا وربما سنوات لإنجاز أعماله الفنية.
ولدى سؤاله عن سبب موافقة أورليك على إقامة المعرض الحالي، أجاب غرانت: “لقد أدرك أورليك بأن أعماله الفنية هي استثنائية وذات قيمة كبيرة وتحتاج لأن تعرض على محبي ورواد الفن، وكل ما كان يفعله هذا الفنان خلال الخمسين سنة الماضية هو الرسم والرسم”.
وحسب غرانت فان أورليك تعرض لصدمة كبيرة سنة 2022 بعد أن قامت جمعية الإسكان بطرده من منزله، لتصبح أكثر من مئتين من لوحاته الفنية من ضمن المفقودات، وما زال التحقيق جاريا من قبل الشرطة المحلية حول هذه الحادثة.
وقد تعرف غرانت على أورليك من خلال أحد أصدقاء الأخير الذي يعمل كاتب عدل، حيث اتصل بغرانت، لغرض تقديم المساعدة في عملية البحث عن اللوحات المفقودة. ويقول غرانت “تفاجأت أن المئات من اللوحات الفنية لا تزال بحوزة هذا الرسام، حيث تصل قيمة الأعمال المعروضة حاليا في المعرض بين ثلاثة آلاف وأربعين ألف جنيه أسترليني”.
ويتوقع غرانت أن تزداد قيمة هذه الأعمال عند عملية البيع، نظرا لأنها تتناول الفن السريالي والتي يرغب باقتنائها الكثير من محبي هذا الفن.
يقام المعرض للفترة من التاسع إلى العشرين من الشهر الحالي على قاعة ماس للفنون في لندن قبل نقلها الى العرض في مدينة مارلبورو، لغاية التاسع من أيلول من هذا العام.
عن صحيفة الغارديان البريطانية