من أقوى عندك.. إرادتُك أم عاداتُك؟

منصة 2024/08/22
...

لنفهم أولاً ما هو الفرق بين (الإرادة) و(العادة)، فنقول إنَّ الإرادة تعني قدرتك على تنفيذ قرارٍ حكيمٍ لصالحك يتعارض مع رغباتك. مثال ذلك أنَّك تحب (القوزي) ولكنك تمتنع عن تناول ما تشتهيه حتى لو كنت في حفلة عرس و(القوزي) يتسيد المائدة ومحبوه يملؤون كروشهم منه بنجاح، أما العادة فهي ذلك الشيء الذي تفعله كثيراً حتى يصبح أمراً سهلاً، أو هي سلوكٌ تداوم على تكراره، فإذا كنت مدخناً، فإنَّك تضع علبة السجائر بمكانٍ ثابتٍ (الجيب الأيمن مثلاً) والقداحة بمكانٍ ثابتٍ، وتعتاد يدك أنْ تمتدَّ لعلبة السجائر كل نصف ساعة، تسحب السيجارة بحركة آلية وتشعلها وتدخنها بطريقة ثابتة.

وقل الشيء نفسه إذا كُنتَ معتاداً على أكل (التمن) في الغداء، فأنتَ تضع الكميَّة نفسها في الماعون نفسه وتتناوله بالطريقة ذاتها.

ولقد وجدت لدينا، نحن العراقيين، عاداتٌ سلبيَّة تؤثر في نوعيَّة الحياة التي نعيشها، ففي المجال الصحي، اعتدنا على الأكل الدسم واللحوم والتمن، وما زلنا نقبل بشهيَّة على أكل (المفطّح) في الولائم بوضع (ليَّة) الخروف نتوج بها صحن التمن (ابو عراوي) ونشكل حوله حلقة دائريَّة، وحين ننسفه نأخذ التحيَّة لمن أكل أكثر.

ومن عاداتنا السلوكيَّة السيئة، الثرثرة الزائدة عن الحد أثناء المحادثات الهاتفيَّة التي تبدأ بــ:(اشلونك؟.. بعد اشلونك؟.. اشلونك بعد..)، وعدم إنجاز الأمور في الوعد المحدد، والمماطلة، وعدم أخذ وقتٍ كافٍ مع أطفالنا، وعدم ممارسة الرياضة، أما أنْ نقبّل الزوجة حين نغادر في الصباح.. فتلك ليست في قاموس عاداتنا.

الثابت علمياً أنَّ من يمتلك الإرادة الإيجابيَّة يتمتعُ بالصحة النفسيَّة والقدرة على التعامل مع ضغوط الحياة والتغلب عليها، بينما العادات السيئة تؤثر في حياتنا من دون أنْ ندركها، فهي تقصّرُ العمرَ، وتقللُ من نوعيَّة الأصدقاء، وتجعل الحياة متعبة صحياً، نقضيها بمراجعة أطباء القلب والسكّر والقرحة والكلى، ونفسياً: نعيش حياة العزلة والاكتئاب وإقامة المآتم في القلوب، نبكي ونلطم داخلياً على فرصٍ ضاعت أو ماضٍ نستحضرُ منه الفواجع وكأننا صرنا في حالة توحّد مع الأحزان لدرجة أننا صرنا نتباهى بها، مع أنَّ الأسوياء يتباهون بما حققوه من إنجازات.

إنَّ الحل بسيطٌ في أنْ تعيشَ حياة ممتعة صحياً ونفسياً واجتماعياً، يبدأ بأنْ تتفحصَ نفسك وتحدد عاداتك السيئة، واستعن بأشخاصٍ يعرفونك، وتكنّ لهم الاحترام والإعجاب، واسألهم عمَّا يلاحظونه بخصوص عاداتك السيئة. واعلم أنَّ الأشخاص الناجحين ما كانوا ليحققوا ذلك لولا أنهم امتلكوا إرادة أكسبتهم عاداتٍ جديدة وناجحة، وفهماً جديداً للحياة بأنها تجربة طويلة من المعرفة والتعلم والقدرة على التغيير، فبها تكون الحياة ممتعة، أعني

حياتك.