عبد الهادي مهودر
ليس من باب المبالغة القول إن عطاء العراقيين الجزيل في مواسم الزيارات الدينيَّة ،ومنها زيارة ذكرى أربعينيَّة الإمام الحسين وأصحابه وأهل بيته عليهم السلام، لا مثيل له في جميع الدول العربيّة والإسلاميّة وأينما تذهب شرقاً او غرباً فحتى مباه الشرب تباع على الزائر
والسّائح العراقيّ ولا يسألهم لماذا لاتعاملونا بالمثل، وعدم المنّ على الآخرين شيمة أخرى تضاف لشيم ومكارم أهل العراق، كذلك ليس انتقاصاً من بقية الشعوب هذا الفارق الكبير في الكرم ، وليس تبريراً للغبر ولكنه صار عنوانا لشهرتنا الحميدة ومضرباً للمثل حينما يذم البخلاء.
وهو في ذكرى الحسين موقفٌ يقابل الشحّ والمنع والتعطيش ببذل الغذاء والماء وكل هذا الكرم المنقطع النظير، وليس غريباً فقد كان كرماء العرب في العصر الجاهلي يوقدون النارعلى أماكن مرتفعة تسمى نار القِرى التي تجلب التائه والغريب والضيف ويتفاخرون بمن يوقدها ( متى تأتِهِ تعشو إلى ضوءِ
نارِهِ.. تجد خير نارٍ عندها خير موقدِ)، والملفت أكثر هو كرم الفقراء الذين لايريدون التخلف عن مسيرة الكرم العراقيّ والعشق الحسينيّ الذي تشبّع في هذه الأرض منذ سالت عليها دماء الحسين وأصحابه وأهل بيته، وكأن الله أراد لهذه الأرض أن تبقى على مدى الدهر تعطي بلا انقطاع وتجود بالغالي والنفيس، وتؤدي فريضة الكرم : أَوقِد فإنَّ الليل ليلٌ قرُّ والريح يا موقِدُ ريحٌ صرُّ ، عسى يرى نارك من يمرُ.