الديموقراطيون وبعد

قضايا عربية ودولية 2024/08/26
...

علي حسن الفواز

كشفت أعمال المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الأميركي عن صراع درامي عميق، وعن تمظهرات مُفارقة في المواقف السياسية، إذ شهد هذا المؤتمر تخلياً رمزياً للرئيس جو بايدن عن "قيادته" السياسية، وعن إعطاء النائبة كمالا هاريس كثيراً من الصلاحيات الرئاسية، فضلاً عن إعلان اعتمادها مرشحة رسمية لخوض الانتخابات  في الخامس من تشرين الثاني المقبل.
يعكس الذهاب إلى اختيار هاريس للانتخابات طابعاً رومانسياً، أكثر مما هو واقعي، فبقدر ما حظيت به من دعم مالي غير مسبوق، ومن دعم نفسي من الرؤساء السابقين " كلينتون وأوباما" إلّا أن الأمر ليس بهذه البساطة،  فثمة ما يكشف عن وجود عن مأزق داخلي داخل الحزب، وعن ضعف في الاتفاق على صناعة واجهة انتخابية قوية بمواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فرغم ما جرى من استعراض انتخابي في الإعلان عن الترشيح، لكن واقع الأمر يكشف عن تداعيات عميقة، فالرئيس بايدن فقد مضطراً القدرة الكاملة على الإدارة، كما أن ترشيح النائبة جاء نتيجة ضغط سياسي، وليس تمثيلاً كاملاً لترشيح الحزب الديمقراطي، فهي تنتظر اجتماعات لمندوبي الحزب في كلّ الولايات لإقرار ذلك، وللاتفاق على دعم توجهاتها السياسية في مواجهة خصم سياسي عنيد، له حيوية في الاستعراضات الانتخابية، وفي خلط المزاج السياسي بالمزاج الشعبوي..
ما شهدته مدينة شيكاغو من احتجاجات كبيرة للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة، أثار جدلاً حول مواقف الديمقراطيين، وحول سياساتهم في التعاطي مع هذا الملف الإنساني والأخلاقي المُعقَّد، وحول البرنامج السياسي الذي ستعتمده كمالا هاريس، لاسيما أن كثيراً من جمهور الديمقراطيين ينتمون إلى أصول متعددة، ومنها الفلسطينية، والتي جعلت من هذه الاحتجاجات علامة على مدى السخط الشعبي على سياسة الرئيس جو بايدن، ودعمه للكيان الصهيوني ولجرائمه المتوحشة..
هذا المؤتمر فرصة لمواجهة كثير من التحديات الداخلية والخارجية، ومع ملفاتها السياسية والاقتصادية والأمنية العميقة، فملف العدوان في غزة مازال مفتوحاً، والحكومة الأميركية عاجزة عن معالجته، أو هي متورطة فيه، كما أن ملف الحرب في أوكرانيا يُخفي صراعات آخذة بالتصاعد، لاسيما بعد دخول الجيش الأوكراني إلى مدينة كورسك الروسية، كما أن ملف الصراع التجاري مع الصين له اأسراره وخفاياه المعقدة، فضلاً عن ملفات أخرى لها تأثيرها الجيوسياسي في السياسة الأميركية مثل الملف النووي الإيراني، وقضايا البيئة والتسليح ومظاهر التضخم والأوبئة وغيرها..